للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رضى الله تعالى عنهما، ولأن من جاز المن عليه فى الأسر جاز استرقاقه، كأهل الكتاب.

وان كان من العرب ففيه قولان:

قال فى الجديد يجوز استرقاقه والمفاداة به، وهو الصحيح، لأن من جاز المن عليه والمفاداة به من الأسرى جاز استرقاقه كغير العرب.

وقال فى القديم: لا يجوز استرقاقه، لما روى معاذ رضى الله تعالى عنه أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال يوم حنين: لو كان الاسترقاق ثابتا على العرب لكان اليوم وإنما هو أسر وفداء.

فإن تزوج عربى بأمة فأتت منه بولد فعلى القول الجديد الولد مملوك، وعلى القول القديم الولد حر ولا ولاء عليه لأنه حر من الأصل.

ولا يختار الإمام فى الأسير من القتل والاسترقاق والمن والفداء إلا ما فيه الحظ‍ للإسلام والمسلمين، لأنه ينظر لهما فلا يفعل إلا ما فيه الحظ‍ لهما، فإن بذل الأسير الجزية وطلب أن تعقد له الذمة وهو ممن يجوز أن تعقد له الذمة ففيه وجهان:

أحدهما أنه يجب قبولها كما يجب إذا بذل وهو فى غير الأسر وهو ممن يجوز أن تعقد لمثله الذمة.

والثانى: أنه لا يجب لأنه يسقط‍ بذلك ما يثبت من اختيار القتل والاسترقاق والمن والفداء

وان قتله مسلم قبل أن يختار الإمام ما يراه عزر القاتل لا فتياته على الإمام، ولا ضمان عليه، لأنه حربى لا أمان له.

وإن أسلم حقن دمه لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها».

وهل يرق بالإسلام أو يبقى الخيار فيه بين الاسترقاق والمن والفداء؟

فيه قولان:

أحدهما أنه يرق بنفس الإسلام، ويسقط‍ الخيار فى الباقى، لأنه أسير لا يقتل، فرق كالصبى والمرأة.

والثانى: أنه لا يرق بل يبقى الخيار فى الباقى لما روى عمران بن الحصين رضى الله عنه أن الأسير العقيلى قال: يا محمد إنى مسلم ثم فاداه برجلين ولأن ما ثبت الخيار فيه بين أشياء إذا سقط‍ أحدهما لم يسقط‍ الخيار فى الباقى، ككفارة اليمين إذا عجز فيها عن العتق.

فعلى هذا إذا اختار الفداء لم يجز أن يفادى به إلا أن يكون له عشيرة يأمن معهم على دينه ونفسه.

وإن أسر شيخ لاقتال فيه ولا رأى له فى الحرب.

فإن قلنا أنه يجوز قتله فهو كغيره فى الخيار بين القتل والاسترقاق والمن والفداء.

وإن قلنا لا يجوز قتله فهو كغيره إذا أسلم فى الأسر وقد بيناه.

وان فاداه بمال كان للغانمين وإن أراد أن يسقط‍ منهم شيئا من المال لم يجز الا برضا الغانمين.

وجاء فى نهاية المحتاج: انه لو أسر المحاربون مسلما حرا أو قنا فالأصح وجوب النهوض اليهم وجوب عين كما اقتضاه كلامهم لخلاصه أن توقعناه