للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لدفع المال للفقراء وإلى النائب وتجوز النية قبل ذلك وبخاصة عند إقران المال لها وإنما جازت الإنابة في تفريقها لأنها عبادة مالية محضة كتفرقة النذر وذبح الأضحية وفى تعرف بقية الأحكام يرجع إلى مصطلح زكاة والنيابة فيها (١).

[الإنابة في القضاء]

يجوز للقاضى أن يستخلف من هو على علم بأحكام القضاء إذا كان مأذونا له في ذلك ممن ولاه فإن لم يكن مأذونا بذلك لم يجز له الإنابة وارجع في تعريف الأحكام إلى مصطلح استخلاف.

[الإنابة في الشهادة]

يجوز للشاهد أن يستنيب من يؤدى الشهادة عنه أمام القضاء بثمانية شروط منها أن يكون في ذلك في حق آدمى لا في حق الله تعالى وأن يكون ذلك لعذر يمنع الشاهد من أدائها بنفسه كمرض وخوف من سلطان أو غيبة سفر قصر أو كون الشاهد امرأة مخدرة وفى تعرف بقية الأحكام يرجع إلى مصطلح شهادة في الشهادة على الشهادة (٢).

الإنابة في العتق: العتق من العبادات المالية ولذا تجوز فيه الإنابة من مالك العبد فإذا قام النائب بإعتاق عبد المستنب عتق وصار حرا وإذا كان ذلك في كفارة جاز بشرط النية من المستنب عند الإنابة أو عند مباشرة النائب وارجع في تعريف الأحكام إلى مصطلح عتق وكفارة.

[مذهب الظاهرية]

[ما تجوز فيه الإنابة وما لا تجوز فيه]

الإنابة جائزة في القيام على الأموال وفى التزكية وطلب الحقوق وإعطائها وأخذ القصاص في النفس وما دونها والبيع والشراء والإجارة والاستئجار سواء أكانت من حاضر أم من غائب ومن مريض أو صحيح وقد بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الولاة لإقامة الحدود والحقوق بين الناس وأخذ الصدقات وتفريقها وكان بلال على نفقات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان له - صلى الله عليه وسلم - نظار على أرضه بخيبر وفدك.

وقد ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى عقبة بن عامر الجهنى غنما يقسمها بين الصحابة وأمر عليا - رضي الله عنه - في حجة وداعه أن يقوم على بدنه وأن يقسم جلودها وجلالها والآثار في ذلك كثيرة ولا تجوز إنابة في طلاق ولا عتق ولا تدبير ولا رجعة ولا في إسلام ولا في توبة ولا في إقرار ولا في إنكار ولا في عقد هبة ولا في عقد ولا في إبراء ولا في ضمان ولا في قذف ولا في ردة ولا في صلح ولا في عقد زواج بغير تعيين الزوجة أو الزوج لأن كل ذلك الزام حكم لم يلزمه قط وحل عقد ثابت ونقل ملك بلفظ فلا يجوز أن يتكلم أحد عن أحد إلا حيث أوجب ذلك نص ولا نص على جواز الإنابة في شئ من ذلك والأصل أنه لا يجوز قول أحد عن أحد ولا حكمه على غيره لقوله تعالى: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (٣) وكل ما ذكرنا كسب على الغير وحكم بالباطل فلا يمنعه


(١) كشاف القناع ج ١ ص ٤٨٠، ص ٤٨١.
(٢) مطالب أولى النهى شرح غاية المنتهى ج ٦ ص ٦٣٧.
(٣) آية ١٦٤ سورة الأنعام.