للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجمهور. ونقل إمام الحرمين وغيره اتفاق الأصحاب عليه.

وحكى صاحب العدة في وجوب الإمساك عليهما خلافا كالمجنون والصبى. وهو شاذ مردود.

هذا في حال ما إذا طهرت في خلال نهار رمضان أما في حال الحيض أو النفاس فيحرم عليها الصوم ويجب قضاؤه بالإجماع. ولو أمسكت عن المفطرات حال الحيض أو النفاس بدون نية الصوم لم تأثم. وإنما تأثم إذا نوت الصوم وإن كان لا ينعقد. والقادر على صوم بعض يوم دون كله لا يلزمه إمساكه.

وإذا كان لا يلزم الإمساك واحدا من هؤلاء المذكورين فإنه يستحب له ألا يأكل أمام من لا يعرف عذره، لأنه إذا تظاهر بالأكل عرّض نفسه للتهمة وعقوية الحاكم. ولو بلغ الصبى في خلال نهار رمضان صائما بأن نوى الصيام ليلا وأصبح صائما فعلا فإنه يلزمه إتمامه. ويستحب قَضاؤه، لأنه صار من أهل الوجوب في أثثاء العبادة فلزمه إتمامها، فإن أفطر فيه بعد بلوغه لزمه قضاؤه.

وقيل: يستحب له إتمامه، لأنه صوم نفل فاستحب إتمامه، ويجب قضاؤه والإمساك عن المفطرات بقية النهار تشبيها بالصائمين من خواص شهر رمضان. لشرف وقته ولأن وجوب الصوم فيه بطريق الأصالة بخلاف صوم النذر والقضاء والكفارة ونحوه. فلا إمساك على صائم ذلك بقية النهار حتى ولو أفطر بدون عذر لانتفاء شرف الوقت عنه، ولذا لم تجب في إفساد صوم ذلك كفارة. وهذا كله متفق عليه.

ولو أصبح الشخص ممسكا فنذر صوم يومه هذا ففى لزوم الوفاء بهذا النذر قولان:

قال إمام الحرمين: والذي أراه لزوم الوفاء، وأقره الشيخان - الرافعى والنووى والممسك عن المفطرات خلال نهار رمضان ليس في صوم شرعى، ومع ذلك يثبت له أحكام الصائمين. فيكره له شم الرياحين ونحوهاء ويؤيده كراهة السواك في حق الممسك بعد زوال الشمس على المعتمد.

والمأمور بالإمساك عن المفطرات تشبيها بالصائمين يشاب على فعله وإن لم يكن في صوم بشرعى فإن ارتكب خلال الإمساك محظورا أو تضاف فلم يمسك فلا شئ عليه في ذلك، بلا خلاف سوى الإثم، لمخالفته الواجب. (١) وذلك إذا كان الإمساك واجبا.

[مذهب الحنابلة]

الإمساك عن المفطرات مع النية هما الصوم الشرعى. فمن نوى الصوم ليلا ثم جن أو أغمى عليه جميع النهار لم يصح صومه لأن الصوم عبارة عن الإمساك مع النية، ولم يوجد إمساك عن قصد، كما دل عليه قوله في الحديث القدسى: "إنه ترك طعامه وشرابه من أجلى" فلم تعتبر النية متفردة عن الإمساك. وإن أفاق


(١) أسنى المطالب شرح روض الطالب السابق جـ (١) ص ٤٢٣،٤١١،٤٠٩ - ٤٢٤ الطبعة السابقة.
تحفة المحتاج بشرح المنهاج ج ١ ص ٤١٢ - ٤١٣ الطبعة السابقة.
المهذب لأبى إسحاق الشيرازى جـ ١ ص ١١٧ - ١٧٩ طبع مطبعة الحلبى.
شرح المحلى للمنهاج بحاشية قليوبى وعميرة ج ٢ ص ٦٦،٦٥،٥١ طبع مطبعة الحلبى.
شرح المنهاج بحاشية البجرمى جـ ٢ ص ٧٣،٦٠ الطبعة الثالثة المطبعة الأميرية سنة ١٣٠٩.
الأشباه والنظائر للإمام جلال الدين السيوطى جـ ١ ص ١٦٥،١٦٠ طبع مطبعة الحلبى سنة ١٢٧٨.
المجموع شرح المهذب للنووى جـ ٦ ص ٣٢٩،٢٥٥ الطبعة السابقة.