للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووضعوا الأحجار فى يده ورموا بها وسعوا به بين الصفا والمروة جاز، وروى عن محمد رحمه الله تعالى فى المحرم اذا أغمى عليه ييمم اذا طيف به تشبيها بالمتوضئين (١).

[مذهب المالكية]

جاء فى مواهب الجليل أن المغمى عليه لا يحرم عنه وليه ولا غيره فلو أحرم عنه أحد لم يصح احرامه عنه سواء أرادوا أن يحرموا عن المغمى عليه بفريضة أو نافلة وسواء خافوا ان يفوته الحج أم لا كما يفهم ذلك من كلام صاحب الطراز وكما يفهم من كلام المدونة، قال البرازعى رحمه الله تعالى: ومن أتى الميقات وهو مغمى عليه فأحرم عنه أصحابه بحجة أو عمرة أو قران وتمادوا فان أفاق وأحرم بمثل ما أحرموا به عنه أو بغيره ثم أدرك فوقف بعرفة مع الناس أو بعدهم قبل طلوع الفجر من ليلة الفجر أجزأه حجه وأرجو أن لا يكون عليه دم لترك الميقات وأن يكون معذورا وليس ما أحرم عنه أصحابه بشئ وانما الاحرام ما أحرم به هو.

وان لم يقف حتى طلع الفجر من ليلة النحر وقد وقف به أصحاب لم يجزه حجه.

قال ابن يونس رحمه الله تعالى وانما لم يصح أن يحرموا عنه لأن الاحرام هو الاعتقاد بالقلب للدخول فى الحج والعمرة والاعتقادات النيات ولا ينوب فيها أحد عن أحد والمغمى عليه لا تصح منه نية ولا تنعقد عليه عبادة لأنه غير مخاطب بها فى حال اغمائه ولا خلاف فى ذلك.

اذا علم ذلك فمن أغمى عليه عند الاحرام فينتظر فان لم يفق من اغمائه - حتى خرج الوقت - فقد فاته الحج وان أفاق من اغمائه قبل فوات وقت الوقوف فلا يخلوا اما أن يفيق بعرفة أو يفيق قبل يوم عرفة فان أفاق بعرفة أحرم منها حينئذ فان كان ذلك بعد الزوال فانه يلبى ثم يقطع مكانه التلبية على المشهور وقيل يلبى حتى يرمى جمرة العقبة.

وان أفاق قبل يوم عرفة قال سند رحمه الله تعالى فان أمكنه أن يرجع الى الميقات فالأحسن له أن يرجع فان لم يفعل وأحرم من موضعه أجزأه وهل عليه دم؟

قال ابن القاسم رحمه الله تعالى: لا أحفظ‍ فيه عن مالك شيئا وأرجو أن لا يكون عليه شئ وهو بين فان دم مجاوزة الميقات انما يثبت فى حق من يجاوزه مريدا للحج أو للعمرة أو لدخول مكة على خلاف فى الأخيرة.

وهذا اذا لم يكن عند الميقات مريدا أصلا فأشبه المجنون المطيق اذا جاوز به أهله الميقات ثم عوفى فأفاق وأحرم من موضعه لا يختلف فيه أنه لا دم عليه. هذا كله فيمن أغمى عليه قبل الاحرام (٢).

أما من أغمى عليه بعد الاحرام قبل أن يأتى عرفة فوقف به أصحابه فانه يجزيه سواء كان ذلك قبل الزوال أو بعده، قال ابن القاسم رحمه الله تعالى، قال سند لأن الاغماء لا يبطل الاحرام وقد دخل فى نية الاحرام.

ولا بد من أن يقف به أصحابه جزءا من الليل، ولو دفعوا به قبل الغروب لم يجزه عند مالك رحمه الله تعالى، قال فى الطراز وهو ظاهر وهو قول مالك وهو مذهب المدونة وهو المشهور، مقابلة قولان أحدهما: أنه ان أغمى عليه قبل الزوال لم يجزه وان أغمى عليه بعرفة بعد الزوال أجزأه ذلك وان كان ذلك قبل أن يقف


(١) فتاوى قاضيخان محمود الأوزجندى ج‍ ١ ص ٢٩٩ فى كتاب على هامش الفتاوى العالمكرية الطبعة السابقة.
(٢) مواهب الجليل الشرح مختصر أبى الضياء خليل لأبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربى الرعينى المعروف بالحطاب ج‍ ٢ ص ٤٨١ فى كتاب على هامشه التاج والاكليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن يوسف ابن أبى القاسم العبدرى الشهير بالمواق الطبعة الأولى طبع مطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٢٨ هـ‍.