للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو اتصل حتى دفع به وليس عليه أن يقف ثانية أن أفاق فى بقية ليلته وهذا قول مطرف وابن الماجشون رحمهما الله تعالى.

والقول الثانى: أنه أن حصل الاغماء بعد أن أخذ فى الوقوف يعنى بعد الزوال أجزأه وأما أن وقف به مغمى عليه فلا يجزئه ولو كان ذلك بعد الزوال وعزاه اللخمى رحمه الله تعالى الى الامام مالك فى مختصر ما ليس فى المختصر ولأشهب رحمه الله تعالى فى المدونة.

وحزاه فى الطراز لمن ذكر ولابن نافع رحمه الله تعالى، قال ابن عرفة: وفى أجزاء من وقف به مغمى عليه مطلقا أو أن أغمى عليه بعرفة بعد الزوال ولو بعد وقوفه.

ثالثها: ان أغمى عليه بعدهما لهما وللخمى عن رواية الآخرين وابن شعبان مع أشهب رحمهم الله تعالى، ونقل الأقوال الثلاثة صاحب الطراز ونقلها فى التوضيح وغيره.

واذا قلنا يجزئ المغمى عليه الوقوف ولو كان قبل الزوال فنقل صاحب الطراز عن الموازية أنه لا دم عليه قال سند رحمه الله تعالى: ولو قدم عرفات وهو نائم فى محمله وأقام فى نومه حتى دفع الناس وهو معهم أجزأه وقوفه للمعنى الذى ذكرناه فى المغمى عليه ونقله الشارح فى الكبير.

ومن شرب مسكرا حتى غاب عقله اختيارا أو بشئ أكله من غير علم أو أطعمه أحد ما أسكره وفاته الوقوف لم أر فيه نصا والظاهر أنه ان لم يكن له فى ذلك اختيار فهو كالمغمى عليه والمجنون وان كان باختياره فلا يجزئه كالجاهل بل هو أولى (١).

[مذهب الشافعية]

قال صاحب المجموع (٢): اتفق أصحابنا العراقيون والخرسانيون وغيرهم على أن المغمى عليه ومن غشى لا يصح احرام وليه عنه ولا رفيقه عنه لأنه غير زائل العقل ويرجى برؤه عن قرب فهو كالمريض. قال أصحابنا رحمهم الله تعالى:

لو خرج فى طريق الحج فأغمى عليه عند الميقات قبل أن يحرم لم يصح أن يحرم وليه ولا رفيقه عنه.

سواء كان أذن فى ذلك قبل الاغماء أم لم يأذن خلافا لأبى حنيفة رحمه الله تعالى قال القاضى أبو الطيب رحمه الله تعالى ودليلنا على عدم الصحة انه بلغ فلم يصح عقد الاحرام له من غيره كالنائم، ولا نسلم أن يقاس الاحرام على الطواف لأن الطواف لا تدخله النهاية حتى لو كان مريضا لم يجز لغيره الطواف عنه بل يطاف به محمولا.

كما لا يصح أن يقاس المغمى عليه على الطفل لأن الاغماء يرجى زواله عن قرب بخلاف الصبا ولهذا يصح أن يعقد الولى النكاح للصبى دون المغمى عليه.

واذا وقف وهو مغمى عليه ففى صحة وقوفه وجهان حكاهما ابن المرزبان والقاضى أبو الطيب فى تعليقه والدارمى والبغوى والمتولى وصاحب البيان وآخرون رحمهم الله تعالى أصحهما - وبه قطع صاحب المهذب والأكثرون - أنه لا يصح.

وممن قطع به الشيخ أبو حامد والرافعى فى المجرد وآخرون وصححه ابن الصباغ والمتولى.


(١) المرجع السابق ج‍ ٣ ص ٩٥ نفس الطبعة.
(٢) المجموع شرح المهذب للامام الحافظ‍ أبى زكريا محيى الدين بن شرف النووى ج‍ ٧ ص ٧٨ فى كتاب أسفله الترتيب كتابا فتح العزيز شرح الوجيز للامام أبى القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعى ثم التلخيص لأبى الفضل محمد بن حجر بن على العسقلانى طبع ادارة الطباعة المنيرية.