للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشاهدان أعميين. وهذا يفيد جواز شهادة الأعمى فى عقد النكاح كما يجوز فى عقد النكاح شهادة ابنى الزوجين وان لم يثبت النكاح بهما (١).

[مذهب المالكية]

فى حاشية الدسوقى: ان كان الشاهد أعمى تقبل شهادته فى الأقوال مطلقا، سواء تحملها قبل العمى أم لا، لضبطه الأقوال بسمعه.

وتجوز شهادته فيما عدا المرئيات من المسموعات والملموسات والمذوقات والمشمومات، حيث ان هذه الأشياء يستوى فيها الأعمى وغيره.

ولا تقبل شهادة الأعمى الأصم (٢).

وجاء فى كتاب الجامع لأحكام القرآن للقرطبى عن تفسير قوله تعالى:

«وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ ٣» ما نصه:

قوله «من رجالكم: دليل على أن الأعمى من أهل الشهادة لكن اذا علم يقينا، مثل ما روى عن ابن عباس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشهادة فقال: ترى هذه الشمس فأشهد على مثلها، أو دع. وهذا يدل على اشتراط‍ معاينة الشاهد لما يشهد به، لا من يشهد بالاستدلال الذى يجوز أن يخطئ.

وقال أيضا مذهب مالك فى شهادة الأعمى على الصوت جائزة فى الطلاق وغيره، اذا عرف الصوت قال ابن قاسم: قلت لمالك: فالرجل يسمع جاره من وراء الحائط‍ ولا يراه، يسمعه يطلق امرأته فيشهد عليه وقد عرف الصوت؟ قال: قال مالك:

شهادته جائزة (٤).

[مذهب الشافعية]

لا تقبل شهادة الأعمى الا فيما تحمله قبل العمى أو بالاستفاضة أو على من تعلق به (٥).

وفى الأشباه والنظائر لا تقبل شهادة الأعمى الا فى أربع مسائل: الترجمة والنسب وما تحمل وهو بصير واذا أقر فى أذنه رجل فتعلق به حتى شهد عليه عند الحاكم. وفى قبول شهادته الاستفاضة وجهان: الأصح نعم، اذا كان المشهود به وله وعليه معروفين لا يحتاج واحد منهم الى الاشارة (٦).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى كتاب المغنى تجوز شهادة الأعمى اذا تيقن الصوت لقوله تعالى:

«وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ» وسائر الآيات فى الشهادة ولأنه رجل عدل مقبول الرواية فقبلت شهادة كالبصير وفارق الصبى فانه ليس برجل ولا عدل ولا مقبول الرواية ولأن السمع أحد الحواس التى يحصل بها اليقين، وقد يكون المشهود عليه من ألفه الأعمى وكثرت صحبته له، وعرف صوته يقينا، فيجب أن تقبل فيما يتقنه كالبصير ولا سبيل الى انكار حصول اليقين فى بعض الأحوال .. والأقوال مدركها السمع والأعمى يشارك البصير فى السمع وربما زاد عليه.

فان تحمل الشهادة على فعل ثم عمى جاز أن يشهد به، اذا عرف المشهود عليه باسمه ونسبه لأن العمى فقد حاسة لا تخل بالتكليف، فلم يمنع قبول الشهادة. فان لم يعرف المشهود عليه باسمه ونسبه لكن يتبين صوته لكثرة ألفه له صح أن يشهد به أيضا. وان شهد عند الحاكم ثم عمى قبل الحكم بشهادته جاز الحكم بها لأن العمى طرأ


(١) حاشية ابن عابدين ج‍ ٢ ص ٣٧٦ الطبعة السابقة.
(٢) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير لمحمد عرفة الدسوقى مطبعة دار احياء الكتب العربية بمصر سنة ج‍ ٣ ص ١٦٧.
(٣) سورة البقرة الآية رقم ٢٨٢.
(٤) الجامع لأحكام القرآن لأبى عبد الله محمد بن أحمد الانصارى القرطبى ج‍ ٢ ص ٣٩٠ الطبعة الثانية مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة سنة ١٣٧٣ هـ‍ - ١٩٥٤ م.
(٥) المجموع شرح المهذب للنووى ج‍ ٩ ص ٣٠٤ مطبعة التضامن الأخوى بالقاهرة سنة ١٣٤٤ هـ‍.
(٦) الأشباه والنظائر لجلال الدين السيوطى ص ٢٥٠، ٢٥٢ شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبى بمصر سنة ١٣٧٨ هـ‍ - ١٩٥٩ م.