للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعنده اختان واختار احداهما جعل كأنه عقد عليها ولم يعقد على الأخرى فاذا اختار الأم صار كأنه عقد عليها ولم يعقد على البنت. واذا اختار البنت صار كأنه عقد عليها ولم يعقد على الأم فعلى هذا اذا اختار البنت حرمت الأم على التأبيد لأنها أم امرأته وان اختار الأم حرمت البنت تحريم جمع لأنها بنت امرأة لم يدخل بها وان دخل بها حرمت البنت بدخوله بالأم، وأما الأم فان قلنا انها تحرم بالعقد على البنت حرمت لعلتين بالعقد على البنت وبالدخول بها، وان قلنا انها لا تحرم بالعقد حرمت بعلة واحدة وهى الدخول (١).

[مذهب الحنابلة]

قال الحنابلة: الحر اذا أسلم ومعه أكثر من أربع نسوة فأسلمن معه أو كن كتابيات أمسك أربعا منهن وليس له امساكهن كلهن بغير خلاف نعلمه سواء تزوجن فى عقد أو فى عقود، وسواء اختار الأوائل أو الأواخر لما روى قيس بن الحارث قال: أسلمت وتحتى ثمان نسوة فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم فقلت له ذلك فقال: اختر منهن أربعا، ويجب عليه أن يختار أربعة فما دون ويفارق باقيهن أو يفارق الجميع لأن النبى صلى الله عليه وسلم أمر غيلان وقيسا بالاختيار وأمره يقتضى الوجوب ولأن المسلم لا يجوز اقراره على نكاح أكثر من أربع فاذا أبى أجبر بالحبس والتعزير الى أن يختار لأن هذا حق عليه يمكن ايفاؤه، وهو ممتنع منه فأجبر عليه كايفاء الدين، وليس للحاكم أن يختار عنه كما يطلق على المولى اذا امتنع من الطلاق لأن الحق ها هنا لغير معين، وانما تتعين الزوجات باختياره وذلك لا يعرفه الحاكم بخلاف المولى فان الحق لمعين يمكن الحاكم ايفاؤه، فان جن خلى حتى يعود عقله ثم يجبر على الاختيار وعليه نفقة الجميع الى أن يختار لأنهن محبوسات عليه ولأنهن فى حكم الزوجات أيتهن اختار جاز ومن مات قبل أن يختار لم يقم وارثه مقامه.

ولو زوج الكافر ابنه الصغير أكثر من أربع ثم أسلموا جميعا لم يكن له الاختيار قبل بلوغه فانه لا حكم لقوله، وليس لأبيه الاختيار عنه لأن ذلك حق يتعلق بالشهوة فلا يقوم غيره مقامه فيه فاذا بلغ الصبى كان له أن يختار حينئذ وعليه النفقة الى أن يختار وصفة الاختيار أن يقول: اخترت نكاح هؤلاء أو اخترت هؤلاء أو أمسكتهن أو اخترت حبسهن أو امساكهن أو نكاحهن أو أمسكت نكاحهن أو ثبت نكاحهن أو أثبتهن، وان قال لما زاد على أربع فسخت نكاحهن كان اختيارا للأربع، وان طلق احداهن كان اختيارا لها لأن الطلاق لا يكون الا فى زوجة، وان قال قد فارقت هؤلاء أو اخترت فراق هؤلاء فان لم ينو الطلاق كان اختيارا لغيرهن لقول النبى صلى الله عليه وسلم لغيلان: اختر منهن أربعا وفارق سائرهن.


(١) المهذب ح‍ ٢ من ص ٥٢ الى ص ٥٥.