للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكم وحدود استمتاع

الرجل بزوجه فى حالة الاحرام

[مذهب الحنفية]

جاء فى بدائع الصنائع أنه يجب علي المحرم أن يجتنب الدواعى من التقبيل واللمس بشهوة والمباشرة والجماع فيما دون الفرج.

لقول الله عز وجل «فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ» (١).

قيل فى بعض وجوه التأويل: أن الرفث جميع حاجات الرجال إلي النساء.

وسئلت عائشة رضى الله تعالى عنها عن ما يحل للمحرم من امرأته فقالت «يحرم عليه كل شئ الا الكلام» فان جامع فيما دون الفرج - سواء أنزل أو لم ينزل - أو قبل أو لمس بشهوة أو باشر فعليه دم، لكن لا يفسد حجه، لأن ذلك حكم متعلق بالجماع فى الفرج على طريق التغليظ‍، وأما وجوب الدم فلحصول ارتفاق كامل مقصود، وقد روى عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما أنه قال: اذا باشر المحرم امرأته فعليه دم .. ولم يرد عن غيره خلافه سواء فعل ذلك ذاكرا أو ناسيا.

ولو نظر الى فرج امرأته عن شهوة فأمنى فلا شئ عليه بخلاف المس عن شهوة فانه يوجب الدم سواء أمنى أو لم

يمن، وذلك لأن اللمس استمتاع بالمرأة وقضاء للشهوة فكان ارتفاقا كاملا، فأما النظر فليس من باب الاستمتاع ولا قضاء الشهوة، بل هو سبب لزرع الشهوة فى القلب، والمحرم غير ممنوع عما يزرع الشهوة كالأكل (٢).

وجاء فى فتاوى قاضيخان أن الشيخ الامام أبا بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى قال: انما يجب الدم على المرأة المحرمة بتقبيل الزوج اذا وجدت ما تجد عند وط‍ ء الزوج من اللذة وقضاء الشهوة (٣).

وروى صاحب فتح القدير أن الجامع الصغير اشترط‍ الانزال فى وجوب الدم على من استمتع بالتقبيل أو اللمس بشهوة (٤).

والامام أبو حنيفة رضى الله تعالى عنه لا يرتب على استمتاع الرجل بدبر زوجه افساد الحج فى احدى روايتين عنه، فقد جاء فى حاشية الشلبى على تبيين الحقائق عن أبى حنيفة أنه لا يفسد الحج بالجماع فى الدبر.


(١) الآية رقم ١٩٧ من سورة البقرة.
(٢) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ٢ ص ١٩٥ الطبعة المتقدمة.
(٣) فتاوى قاضيخان على هامش الفتاوى الهندية ج ١ ص ٢٨٦ الطبعة المتقدمة.
(٤) فتح القدير على الهداية لابن الهمام فى كتاب على هامشه شرح العناية على الهداية ج ٢ ص ٢٣٧ الطبعة الاولى طبع المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر سنة ١٣١٥ هـ‍.