للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انتبه ليلته كلها والغد كله الى بعد غروب الشمس أيقضيه أم لا؟ نظرنا فوجدنا القضاء ايجاب الشرع والشرع لا يجب الا بنص.

فلم نجد ايجاب القضاء فى النص الا على أربعة، المسافر والمريض - بالقرآن الكريم - والحائض والنفساء، والمتعمد للقئ - بالسنة - ولا مزيد.

ووجدنا النائم والسكران والمجنون المطبق عليه ليسو مسافرين ولا متعمدين للقئ ولا حيضا ولا من ذوات النفاس ولا مرضى فلم يجب عليهم القضاء اصلا ولا خوطبوا بوجوب الصوم عليهم فى تلك الأحوال.

بل القلم مرفوع عنهم بالسنة ووجدنا المصروع والمغمى عليه مريضين بلا شك لأن المرض حال مخرجة للمرء عن حال الاعتدال، وصحة الجوارح والقوة الى الاضطراب وضعف الجوارح واعتلالها.

وهذه صفة المصروع والمغمى عليه بلا شك، ويبقى وهن ذلك وضعفه عليهما بعد الأفاقة مدة، فاذاهما مريضان فالقضاء عليهما ينص القرآن.

وليس قولنا بسقوط‍ الصلاة عن المغمى عليه الا ما أفاق فى وقته منها وبقضاء النائم للصلاة مخالفا لقولنا ههنا، بل هو موافق لأن ما خرج وقته للمغمى عليه فلم يكن مخاطبا بالصلاة فيه ولا كان أيضا مخاطبا بالصوم ولكن الله تعالى أوجب على المريض عدة من أيام أخر، ولم يوجب تعالى على المريض قضاء صلاة.

وأوجب قضاء الصلاة على النائم والناسى ولم يوجب قضاء صيام على النائم والناسى بل أسقطه سبحانه وتعالى عن النائم والناسى اذا لم يوجبه عليه فصح قولنا (١).

[مذهب الزيدية]

جاء فى البحر الزخار: ان النوم من نواقض الوضوء وحده، زوال العقل، لا المفتر كالنعاس لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «من استجمع نوما فعليه الوضوء» قال أبو موسى وأبو مخلد وحميد الأعرج:

النوع ليس حدثا فى نفسه اذن لنقض يسير كالبول، قلنا:

بل حدث لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نام فليتوضأ» قال الناصر الأطروشى: ولا ينقض الوضوء النوم فى الصلاة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذا نام العبد فى سجوده باهى الله به ملائكته يقول عبدى روحه عندى وجسده ساجدين بين يدى (٢)

قلنا لم يصرح بذلك، وتعنى الخفقتان وان توالتا - قال صاحب البحر - ان لم يتخللهما انتباه كامل والخفقات التى تخللها انتباه كامل، لا ثلاث متوالية فصاعدا، قالت العترة:

والجنون والاغماء ناقض مطلقا كالنوم، قال الأكثر: والسكر كالجنون، قال المسعودى:

لا ان لم يغش، قلنا: زال عقله (٣).

وجاء فى شرح الأزهار أن الصلاة لا تجب على مجنون أو ما فى حكمه كالسكران المغمى عليه (٤)، قال فى البحر الزخار: لا تجب على من زال عقله ويقضى زائل العقل ان كان لسكر لا غير لتفريطه.

فان جن مع سكره لم يسقط‍ القضاء لا اذا حاضت معه فتسقط‍، اذ سقوطها عن الحائض حتم وعن


(١) المرجع السابق ج‍ ٦ ص ٢٢٦ وما بعدها الى ص ٢٢٩ مسئلة رقم ٧٥٤ نفس الطبعة.
(٢) حكاه فى المهذب ونسبه فى التخليص الى البيهقى، من حديث أبى هريرة وغيره بألفاظ‍ متقابلة من طرق شتى ضعيفة (انظرها من البحر الزخار ج‍ ١ ص ٨٩).
(٣) البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار لأحمد بن يحيى المرتضى ج‍ ١ ص ٨٨، ٨٩ الطبعة الأولى طبع مطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٦٦ هـ‍، سنة ١٩٤٧ م.
(٤) شرح الأزهار فى فقه الأئمة الأطهار لأبى الحسن عبد الله بن مفتاح ج‍ ١ ص ١٦٨ فى كتاب أسفله حواشى عليه الطبعة الثالثة.