للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو لم يضمنه لأنه صيد حرمى قتل فى الحرم كما لو ضمنه ولأننا اذا ألغينا فعل الآدمى صار الكلب كأنه استرسل بنفسه فقتله فان رمى الحلال من الحل صيد فى الحل فجرحه فتحامل الصيد حتى دخل الحرم فمات فيه حل أكله ولا جزاء فيه لأن الذكاة حصلت فى الحل فأشبه ما لو جرح صيدا ثم أحرم فمات الصيد بعد احرامه ويكره أكله لموته فى الحرم (١).

مذهب الظاهرية:

حكم صيد المحرم:

جاء فى المحلى أن من تصيد صيدا فقتله وهو محرم بعمرة أو بقران أو بحجة تمتع ما بين أول إحرامه إلى دخول وقت رمى جمرة العقبة فان ذلك الصيد يكون جيفة لا يحل أكله لقول الله عز وجل «لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللهُ عَمّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ} (٢). فقد سمى الله تعالى ذلك الصيد قتلا ونهى عنه ولم يبح لنا عز وجل أكل شئ من الحيوان الا بالذكاة التى أمر بها عز وجل، ولا شك عند كل ذى حس سليم أن الذى أمر الله تعالى به من الذكاة هو غير ما نهى عنه من القتل فاذ هو غيره فالقتل المنهى عنه ليس ذكاة واذ ليس هو ذكاة فلا يحل أكل الحيوان به لا فرق فى ذلك بين ما قتل عن عمد وما قتل عن غير عمد لأن الله تعالى قال «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ» فعم تعالى ولم يخص وسمى اتلاف الصيد فى حال الاحرام قتلا وحرمه ثم قال بعد ذلك: «وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ» فأوجب حكم الجزاء على العامد خاصة، بخلاف النهى العام فى أول الآية (٣). وبيض النعام وغيرها من المصيد حلال للمحرم لأن البيض ليس صيداً ولا يسمى صيداً ولا يقتل وإنما حرم الله تعالى على المحرم أن يقتل صيد البر فقط‍ (٤).

أما صيد كل ما سكن الماء من البرك أو الأنهار أو البحر أو العيون أو الآبار فحلال للمحرم أن يصيده وأن يأكله لقول الله تبارك وتعالى: «أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ}


(١) الشرح الكبير أسفل المغنى لابن قدامه المقدسى ج ٣ ص ٣٦٢، ص ٣٦٣ نفس الطبعة المتقدمة.
(٢) الآية رقم ٩٥ من سورة المائدة.
(٣) المحلى لابن حزم الظاهرى ج ٧ ص ٢١٤ وما بعدها الى ص ٢١٨ مسئلة رقم ٨٧٦ طبع ادارة الطباعة المنيرية بمصر.
(٤) المرجع السابق لابن حزم الظاهرى ج ٧ ص ٢٣٣ مسئلة رقم ٨٨٠ الطبعة المتقدمة.