للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحرق عليه فإنه لا يضمنه كرديف ربها أي كما لو أردف إنسانا خلفه على دابته فتلفت تحتهما، ومن استعار ليرهن فالمرتهن أمين لا يضمن إلا بالتعدى أو التفريط ويضمن العين المستعير سواء تلفت تحت يده أو تحت يد المرتهن.

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم الظاهرى فى المحلى (١): العارية غير مضمونة إن تلفت من غير تعدى المستعير وسواء ما غيب عليه من العوارى وما لم يغب عليه منها فإن إدعى عليه أنه تعدى أو أضاعها حتى تلفت أو عرض فيها عارض فإن قامت بذلك بينة أو أقر ضمن بلا خلاف وإن لم تقم بينة ولا أقر لزمته المين وبرئ لأنه مدعى عليه وقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باليمين على المدعى عليه، وقد روى (٢) عن عمر وعلى كما روينا من طريق ابن أبي شيبة حدثنا وكيع عن علي بن صالح بن حى عن عبد الأعلى عن محمد بن الحنفية عن علي بن أبى طالب قال: العارية ليست بيعا ولا مضمونة إنما هو معروف إلا أن يخالف فيضمن وهذا صحيح عن علي ومن طريق عبد الرزاق حدثنا قيس بن الربيع عن الحجاج بن أرطأة عن هلال الوزان عن عبد الله بن حكيم قال عمر بن الخطاب: العارية بمنزلة الوديعة ولا ضمان فيها إلا أن يتعدى وهو قول إبراهيم النخعى وعمر بن عبد العزيز والزهرى وغيرهم وهو قول أبي سليمان. قال أبو محمد: قال الله تعالى: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ألا أن تكون تجارة عن تراض منكم} (٣) وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام فصح أن مال المعير محرم إلا أن يوجبه نص قرآن أو سنة ولم يوجبه قط نص منهما" وقال الله تعالى: {ما على المحسنين من سبيل} (٤) وقال تعالى: {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق} (٥). والمستعير ما لم يتعد ولا ضيع محسن فلا سبيل عليه بنص القرآن والغرم سبيل بيقين فلا غرم عليه.

مذهب الزيدية: (٦)

جاء في التاج المذهب العارية هي كالوديعة في جميع أحكامها إلا في أمرين أحدهما: لزوم ضمان ما ضمن منها ونحوه وهو أن يستعير العين ليرهنها وكذا طلب الرهن وسواء كان الشارط للضمان المعير أو المستعير فيضمن العين بعد قبضها إن تلفت بأوفر القيم من يوم القبض إلى التلف إن قارن التضمين وإلا ضمن يوم التضمين. وأن جهله المستعير أي وإن جهل التضمين لم يسقط عنه الضمان. وصورة ذلك: أن يرسل رسولا يستعير له فيستعير ويشرط، عليه المعير الضمان فيضمن المرسل سواء أداها إليه أم لا أخبره بالضمان أم لا لأن قبض الرسول


(١) المحلى للإمام أبي محمد على بن أحمد بن سعيد بن حزم ج ٩ ص ١٦٩ مسألة رقم ١٦٥٠ طبع مطبعة إدارة الطباعة المنبرية الطبعة الأولى سنة ١٣٥١ هـ
(٢) المرجع/ السابق جـ ٩ ص ١٧٣ الطبعة السابقة.
(٣) الآية رقم ٣٩ من سورة النساء.
(٤) الآية رقم ٩٣ من سورة البقرة.
(٥) الآية رقم ٤٢ من سورة الشورى.
(٦) التاج المذهب لأحكام المذهب شرح متن الأزهار في فقه الأئمة الأطهار للقاضى العلامة أحمد بن قاسم العنس اليمانى الصفات جـ ٣ ص ٢٥٥، ص ٢٥٦ ص ٢٥٧ طبع مطبعة دار إحياء الكتب العربية لأصحابها عيسى البابى الحلبى وشركاه ١٢٦٦ هـ سنة ١٩٤٧ م الطبعة الأولى.