للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الواجبة أو نحوهما أو أفضل نحو أن يكون فى غير وطنه أقرب إلى الطاعات وأبعد عن الشبهات، فإنه يجب عليه الخروج للواجب، ويندب للمندوب. فإن كره الوالدان أو أحدهما خروجه فلا يصده كراهتهما عن الخروج ما لم يتضررا أو أحدهما بخروجه، سواء كان التضرر من جهة الإنفاق أو البدن لحدوث علة أو زيادتها أو بط‍ ء برئها فلا يجوز خروجه، إذ طاعتهما آكد، وتضررهما محظور ولو كافرين غير حربيين.

وترك الواجب - وهو الخروج - أهون من فعل المحظور، وهو تضررهما. قال تعالى: «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» (١) ولا يمتنع الخروج لتضرر الوالدين الحربيين كما لا يجب الإنفاق عليهما.

مذهب الأحناف (٢):

إذا تعين الجهاد بهجوم العدو فلا يحتاج الابن لإذن أبويه فى الخروج للجهاد فان لم يتعين فلا بد من إذنهما.

مذهب المالكية (٣):

للوالدين منع الولد من الجهاد إذا كان فرض كفاية. أما إذا كان الجهاد فرض عين فلا يحتاج لإذنهما ولو لم يكونا فى كفاية، وهو مذهب المدونة.

مذهب الأمامية (٤):

وللأبوين منع الولد من الجهاد إذا كان المقصود جهاد المشركين ابتداء لدعائهم للإسلام، إلا أن يتعين عليه الجهاد بأمر الإمام له أو بضعف المسلمين عن المقاومة بدونه، إذ يجب عليه حينئذ الجهاد عينا، فلا يتوقف على أذن الأبوين. أما جهاد من يدهم على المسلمين من الكفار بحيث يخافون استيلاءهم على بلادهم وأخذ مالهم وما أشبهه وإن قل فإنه لا يحتاج إلى أذن الأبوين.

مذهب الإباضية (٥):

أن تعين الجهاد على الابن واحتيج إليه ككونه إماما عادلا احتيج لحضوره، أو كان قائما بأمر من أمور الحرب لا يقوم به غيره - فإنه يخرج بدون إذن الأبوين. فإن كان له أبوان فقيران أو كبيران أو مريضان ولم يكن لهما غنى عن الابن - فالإقامة معهما أفضل من الجهاد وذلك حيث لم يتعين الجهاد. فإن كان لهما غنى عنه فإنه يخرج إلى الجهاد استحسانا ولو كرها لأنهما لا يمنعانه مما لم يمنعه الله منه.

هل للأب منع ولده من الحج وغيره:

مذهب الحنابلة (٦):

وليس للوالدين منع ولدهما من حج الفرض والنذر ولا تحليله منه، ولا يجوز للولد طاعتهما فيه، أى: فى ترك الحج، أو فى التحليل. وكذا كل ما وجب كصلاة الجماعة والجمع والسفر للعلم الواجب لأنها فرض عين، فلم يعتبروا فيه إذن الوالدين.

ولهما منعه من حج التطوع ومن كل سفر مستحب كالجهاد، وكما أن لهما منعه من الجهاد مع أنه فرض كفاية لأن بر الوالدين فرض عين، ولكن ليس لهما تحليله من حج


(١) سورة العنكبوت: ٨.
(٢) ابن عابدين ج‍ ٣ ص ٣٠٤، ٣٠٦.
(٣) الحطاب ج‍ ٣ ص ٣٥٠.
(٤) الروضة البهية ج‍ ١ ص ٢١٦ - ٢١٨.
(٥) شرح النيل ج‍ ٢ ص ٥٨٦.
(٦) كشاف القناع ج‍ ١ ص ٥٥٢.