للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب المالكية]

قال المالكية: من أحصر عن الحج أو العمرة وتحلل نحو هديه الذى كان معه بمكانه الذى هو به ان لم يتيسر ارساله المكة، فان تيسر له ذلك بعثه، ومن أحصر عن الوقوف وتمكن من البيت وتحلل بفعل عمرة، وكان معه هدى، فلا يخلو، اما أن يخاف عليه العطب اذا أبقاه عنده حتى يصل الى مكة أولا، فان لم يخف عليه ندب حبسه معه حتى يأتى مكة ليأخذه معه لينحره بمكة (١).

[مذهب الشافعية]

قال الشافعية: من أحصر وتحلل بالذبح، فان كان فى الحرم ذبح الهدى فيه، وان كان فى غير الحرم ولم يقدر على الوصول الى الحرم ذبح الهدى حيث أحصر لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نحر هديه بالحديبية وهى خارج الحرم، وان قدر على الوصول الى الحرم، ففيه وجهان:

أحدهما: أنه يجوز أن يذبح فى موضعه لأنه موضع تحلله فجاز فيه الذبح كما لو أحصر فى الحرم، والرأى الثانى: لا يجوز أن يذبح الا فى الحرم لأنه قادر على الذبح فى الحرم، فلا يجوز أن يذبح فى غيره (٢).

[مذهب الحنابلة]

محل ذبح الهدى عندهم فى موضع حصره حلا كان أو حرما الا أن يكون قادرا على أطراف الحرم، ففيه وجهان:

أحدهما: يلزمه نحره فى الحرم، لأن الحرم كله منحر وقد قدر عليه.

والثانى: ينحره فى موضعه، لأن النبى صلى الله عليه وسلم نحر هديه فى موضعه، وعن أحمد: ليس للمحصر نحر هديه الا فى الحرم فيبعثه ويواطئ رجلا على نحره فى وقت يتحلل فيه.

وعقب صاحب المغنى على ذلك فقال:

وهذا، والله أعلم، فيمن كان حصره خاصا، أما الحصر العام فلا ينبغى أن يقوله أحد لأن ذلك يفضى الى تعذر الحل لتعذر وصول الهدى الى محله، ولأن الرسول وأصحابه نحروا هداياهم فى الحديبية، وهى فى الحل، ولا ينحر من أحصر بمرض أو ذهاب نفقة، الهدى الذى معه الا بالحرم فيبعث به ليذبح فى الحرم (٣).

[مذهب الظاهرية]

المحصر اذا صد فقد بلغ هديه محله، وأورد ابن حزم ما رواه أبى أسماء مولى عبد الله بن جعفر أنه أخبر أنه كان مع عبد الله بن جعفر فخرج معه من المدينة فمروا على الحسين بن على وهو مريض بالسقيا فأقام عليه عبد الله بن جعفر حتى اذا خاف الفوات خرج وبعث الى على بن أبى طالب وأسماء بنت عميس وهما بالمدينة فقدما عليه وأن حسينا أشار الى رأسه فأمر على بحلق رأسه فحلق ثم نسك عنه بالسقيا فنحر عنه بعيرا، ثم قال: انما أتينا بهذا الخبر لما فيه


(١) الشرح الكبير ج‍ ٢ ص ٩٣، ٩٦ والشرح الصغير ج‍ ١ ص ٢٨٥ الطبعة السابقة.
(٢) المهذب للشيرازى ج‍ ١ ص ٢٣٤، الطبعة السابقة.
(٣) المغنى ج‍ ٣ ص ٣٧١، ٣٧٢، ٣٧٣ الطبعة السابقة وكشاف القناع ج‍ ١ ص ٦٣٣ الطبعة السابقة