للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلفظ‍ «البينة على المدعى واليمين على من أنكر». فحصر اليمين فى جانب المدعى عليه ولم يجعلها من جانب المدعى.

[مذهب المالكية والشافعية]

ويرى المالكية والشافعية: أن اليمين إذا توجهت على المدعى عليه بطلب المدعى حين لا تكون له بينة فإن حلفها سقطت دعوى المدعى، ثم هل يعود إليها ويجددها ويقدم عليها البينة أو لا يعود؟ بحث طويل ليس هنا مجال تفصيله، انظر فى تفصيله مصطلح «دعوى».

ويشترط‍ المالكية لجواز توجيه اليمين إلى المدعى عليه أن يكون بينه وبين المدعى خلطة وتعامل لئلا يستذل أهل السفه أهل الفضل بتحليفهم.

واستثنوا من هذا الشرط‍ الصناع والتجار وأهل الأسواق فيما يدعى عليهم تتوجه عليهم اليمين وإن لم تكن خلطة.

كما استثنوا حالة قيام تهمة أو عداوة أو ظلم.

ولا يحلف إلا فيما يجرى فيه الإقرار، أما إذا نكل المدعى عليه عن الحلف أو اعتبر ناكلا بالامتناع عن الحلف أو بالسكوت عن الجواب فإنه لا يقضى عليه بالنكول عند المالكية والشافعية كما يقول الحنفية.

وإنما ترد اليمين على المدعى بطلب المدعى عليه أو من القاضى دون طلبه بعد أن يعذر إليه بقوله: إن حلفت وإلا حلف المدعى وقضيت له عليك بالحق المطلوب، لأن النكول ليس من طرق القضاء عندهم لأنه يحتمل التورع عن اليمين الكاذبة كما هو الشأن فى المسلم، والترفع عن اليمين الصادقة كما فعل عثمان رضى الله عنه حين طلب المقداد منه الحلف وامتنع وقال لعمر: أخاف أن يوافينى قضاء فيقول الناس هذا بسبب يمينه الكاذبة، ويحتمل اشتباه الحال على الناكل فلا يدرى أصادق فيحلف أم كاذب فيمتنع.

ومع هذه الاحتمالات لا يمكن اعتبار النكول حجة وطريقا للقضاء وإذا ردت اليمين على المدعى، فإن حلف قضى له بما يدعيه قضاء استحقاق.

وتكون اليمين هنا كبينة المدعى أو كإقرار المدعى عليه، قولان: والأظهر عند أصحاب الشافعى أنها كإقرار المدعى عليه وسواء أكانت كالبينة أو كالإقرار فإنها تعتبر الطريق إلى القضاء بالحق شرعا مع النكول كما سيجئ التصريح به فى النكول.

واستدلوا بما رواه الدار قطنى من حديث نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد اليمين على طالب الحق، وما روى عن على أنه حلف المدعى بعد نكول المدعى عليه (١).


(١) التبصرة لابن فرحون المالكى ج‍ ١ ص ١٣٠ وما بعدها، وحواشى تحفة المحتاج بشرح المنهاج ج‍ ١٠ ص ٣٠٣، ٣٢٢ والطرق الحكمية ص ١٤٠ وما بعدها مطبعة مصر سنة ١٩٦٠.