للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو فعله على المائدة فى ابتدائها واستدامتها فمتى عرض المحرم فى الاثناء وجب القيام حينئذ كما أنه لو كان ابتداء حرم الجلوس عليها وابتداء الأكل منها والأقوى أن كل واحد من الأكل منها والجلوس عليها محرم برأسه وان انفك عن الآخر (١).

[مذهب الإباضية]

جاء فى شرح النيل: أن من الاسراف فى الطعام عدم التقاط‍ ما سقط‍ من أيدى الصبيان وغيرهم من الطعام وان أطعم ذلك حيوانا أو نملا أو طائرا فلا اسراف، ومنه الأكل فوق الشبع الا لأجل الضيف حتى لا يخجل أو لصوم غد. قال بعض المخالفين: ومنه الأكل فى اليوم مرتين روى البيهقى - منهم - عن عائشة رضى الله تعالى عنها أنها قالت: رآنى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أكلت فى اليوم مرتين فقال:

يا عائشة أما تحبين أن لا يكون لك شغل الا جوفك. الأكل فى اليوم مرتين من الاسراف والله لا يحب المسرفين» أراد مرتين غير العشاء ثم ان المراد والله أعلم التشبيه بالسرف، أو الأكل فوق الشبع، أو قبل الهضم لا سيما فى الأيام القصيرة بلا عمل شاق، ومنه أكل ما تشتهى. قال رسول الله صلى عليه وسلم: «من الاسراف أن تأكل كل ما اشتهيت» رواه ابن ماجة والبيهقى وابن أبى الدنيا، وحمله بعض على أكل كل ما يشتهى فى مجلس واحد لأنه يفضى الى الزيادة على الشبع، أو أراد التشبيه بالاسراف.

ومن الاسراف اكثار أنواع الطعام الا عند الحاجة مثل أن يمل الطعام فيأكل من كل واحد فيجتمع ما يتقوى به على الطاعة أو يدعو الأضياف اليها، ولا بأس بالتنعم والتلذذ بأنواع الأطعمة والفواكه بلا تضييع ولا نية فساد، قال الله تعالى: «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ» (٢) وقال تعالى:

«لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ .. » الآية (٣) وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما: كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطاك سرف ومخيلة وقد قيل فى نفائس الأطعمة واللباس الفاخر والبناء الرفيع أنه ليس اسرافا على الصحيح، وكذا ما أشبه ذلك الا أن قصد الكبر والفخر أو كان من حرام


(١) الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية للشهيد السعيد الجبعى العاملى ج ٢ ص ٢٩٢، وما بعدها الى ص ٢٩٤ طبع مطبعة دار الكتاب العربى بمصر سنة ١٣٧٩ هـ‍.
(٢) الآية رقم ٣٢ من سورة الأعراف.
(٣) الآية رقم ٨٧ من سورة المائدة.