للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمؤجر دون تقييد بنقص أو زيادة فى الأجرة الواجبة باجارته لغيره (١).

[مذهب الحنابلة]

واذا تصرف المؤجر فيما أجره فقد يتصرف فى رقبته وقد يتصرف فى منفعته - فاذا تصرف فى رقبته فباع العين التى أجرها صح بيعه سواء أباعها لمستأجرها أم لغيره نص على ذلك أحمد وبه قال الشافعى فى أحد قوليه أحدهما ان باعها لغير المستأجر لم يصح بيعه لأن يد المستأجر حائلة فيها تمنع تسليمها الى المشترى فمنعت صحة البيع كما فى بيع المغصوب. وللحنابلة أن الاجارة عقد على المنافع والبيع عقد على الرقبة فاختلف موردهما ويد المستأجر انما هى على المنافع فلا يمنع ثبوتها من تسليم الرقبة لمشتريها بقدر ما يستقر البيع ولئن منعت من التسليم فى الحال فلا تمنع منه فى الوقت الذى يجب فيه التسليم وهو وقت انقضاء الاجارة وزوال يد المستأجر والمشترى فى هذه الحال انما يملك العين مسلوبة المنفعة الى حين انقضاء عقد الاجارة ولا يستحق تسلم العين الا عند انقضائها حيث يبدأ حقه فى الانتفاع بها اما اذا باعها لمستأجرها فان بيعه يصح أيضا اذا العين فى يده وفى انفساخ الاجارة بهذا البيع وجهان أحدهما لا تنفسخ لأن المستأجر تملك المنفعة بعقد ثم ملك الرقبة مسلوبة المنفعة بعقد آخر فلم يتنافيا كمن يملك ثمرة شجرة بشرائها ثم يملك بعد ذلك رقبتها ولذا لو أجر الموصى له بالمنفعة العين الموصى له بمنفعتها لمالك رقبتها صحت الاجارة وكذلك تصح اجارة العين المستأجرة لمالكها - وعلى ذلك يجب على المشترى ثمنها وأجر انتفاعه بها مدة الاجارة. وثانيهما: ان الاجارة تنفسخ فيما بقى من مدتها لأنها عقد على منفعة العين وهى تابعة للعين فى التملك فاذا تملك المستأجر العين بعقد البيع تملك منفعتها فلم تصح أن تكون محلا لملك جديد لمالكها وذلك بواسطة الاجارة فتبطل الاجارة لذلك وعلى هذا يسقط‍ عن المشترى أجر المدة الباقية واذا كان قد دفعه لمالكها احتسب من الثمن واذا ورث المستأجر العين كان الحكم فى ذلك هو الحكم فيما لو اشتراها فى بطلان الاجارة أو بقائها وعلى هذا لو استأجر انسان من أبيه دارا ثم مات أبوه عنه وعن أخ له كانت الدار بينهما نصفين وكان المستأجر منهما أحق بها لأن النصف الذى ورثه أخوه لا تزال الاجارة فيه باقية والنصف الذى ورثه المستأجر قد استحقه اما بحكم الملك واما بحكم الاجارة بالنظر الى منفعته وما عليه من الأجر يكون بينهما نصفين فان كان الأجر قد أدى الى المورث لم يرجع المستأجر بأجر نصفه على أخيه ولا على التركة لأنه لو رجع بشئ أفضى ذلك الى اختلاف الأخوين فى الميراث أحدهما قد ورث النصف بمنفعته وهو المستأجر لبطلان الاجارة فى نصفه فقط‍ والآخر قد ورث النصف مسلوب المنفعة لبقاء الاجارة فيه والله سبحانه وتعالى قد سوى بينهما فى الميراث (٢).

واذا اشترى المستأجر العين المستأجرة فردها بعيب على مالكها فى المدة فان قلنا لا


(١) مغنى المحتاج ج‍ ٢ ص ٣٢٤.
(٢) المغنى ج‍ ٦ ص ٤٦ وما بعدها.