للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يلزمه المتاع لأن المقصود علم العاقد بأوصاف المعقود عليه ليتم رضاه وذلك لا يحصل برؤية الرسول فأكثر ما فيه أن قبض رسوله كقبضه بنفسه، ولو قبض بنفسه قبل الرؤية كان بالخيار اذا رآه فكذلك اذا أرسل رسولا فقبضه له (١). والحنفية يرون أن الارسال يصح أن يكون وسيلة للاستقراض ويكون ما استقرضه الرسول للآمر، وأنه لا يجوز للوكيل أن يستقرض لموكله الا أن يخرج كلامه مخرج الرسالة والا كان ما استقرضه من الدراهم له لا لموكله، ومن حقه أن يمنعها من الموكل (٢)، كما يرون أن الارسال يصح أن يكون وسيلة من وسائل اعلام الوكيل بالتوكيل. فقد ذكر الكاسانى أنه لو أرسل الموكل رسولا الى من يريد أن يوكله فبلغ الرسالة صار وكيلا بالاجماع (٣)، وكذلك يصح أن يكون وسيلة لاعلام الوكيل بالعزل فقد جاء فى البدائع أن الوكيل لو كان غائبا فكتب اليه الموكل كتاب العزل فبلغه الكتاب وعلم بما فيه انعزل لأن الكتاب من الغائب كالخطاب من الحاضر، وكذلك لو أرسل اليه رسولا فبلغ الرسالة وقال ان فلانا أرسلنى اليك ويقول: انى عزلتك عن الوكالة فانه ينعزل كائنا ما كان الرسول عدلا كان أو غير عدل، حرا كان أو عبدا، صغيرا كان أو كبيرا بعد أن بلغ الرسالة على الوجه الذى ذكرناه لان الرسول قائم مقام المرسل معبر وسفير عنه فتصح سفارته بعد أن صحت عبارته على أى صفة كان (٤).

[مذهب المالكية]

ويفرق المالكية فى حكم الارسال بالشراء تبعا للفظ‍ الرسول فاذا أسند الشراء لنفسه طولب بالثمن واذا أسنده لمن أرسله لم يطالب بالثمن فقد ذكر الدردير فى الشرح الكبير والدسوقى فى حاشيته عليه أن الرسول اذا قال بعثنى فلان لتبيعه كذا بمائة أو ليشترى منك كذا بمائة مثلا فرضى صاحب السلعة فلا يطالب الرسول بالثمن فان أنكر فلان هذا أنه أرسله فالثمن على الرسول، أما ان قال: بعثنى لأشترى أو لأشترى له منك فيطالب الرسول بالثمن لانه فى الحالة الاولى أسند الشراء لغيره وفى الحالة الاخيرة أسند الشراء الى نفسه (٥)، وذكر الدسوقى فى حاشيته أنه اذا أقر المرسل بأنه أرسله كان للبائع غريمان فيتبع أيهما شاء الا أن يحلف المرسل أنه دفع الثمن للرسول فانه يبرأ ويتبع


(١) المبسوط‍ لشمس الدين السرخسى ج ١٣ ص ٧٣ الطبعة الاولى.
(٢) بدائع الصنائع للكاسانى ج ٦ ص ٢٣ والفتاوى الهندية ج ٣ ص ٢٠٦.
(٣) بدائع الصنائع للكاسانى ج ٦ ص ٢١ الطبعة المتقدمة.
(٤) المرجع السابق ج ٦ ص ٣٧ نفس الطبعة
(٥) الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقى فى كتاب واحد ج ٣ ص ٣٨٢ طبع دار احياء الكتب العربية لعيسى البابى الحلبى وشركاه.