للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الرحمتى (١) ما معناه: أنه لما كان بر الوالدين واجبا وكان مظنة أن يتوهم أنه اذا ناداه أحداهما يكون عليه بأس فى عدم اجابته دفع ذلك بقوله لا بأس ترجيحا لأمر الله تعالى بعدم قطع العبادة لأن نداءه له مع علمه بأنه فى الصلاة معصية ولا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق فلا تجوز اجابته.

بخلاف ما اذا لم يعلم أنه فى الصلاة فأنه يجيبه لما علم فى قصة جريج الراهب ودعاء أمه عليه وما ناله من العناء لعدم اجابته لها.

فليس كلمة لا بأس هنا لخلاف الأولى لأن ذلك غير مطرد فيها بل قد تأتى بمعنى يجب والظاهر أن هذا منه.

[ثانيا: حكم اغاثة المستمع لخطبة الجمعة لغيره]

نقل ابن عابدين فى حاشيته عن البحر أن المستمع لخطبة (٢) الجمعة لو رأى رجلا عند بئر فخاف وقوعه فيها أو رأى عقربا يدب الى انسان فانه يجوز له أن يحذره وقت الخطبة.

قال ابن عابدين: وهذا حيث تعين الكلام اذ لو أمكن بغمز أو لكز لم يجز الكلام.

وقال صاحب الدر المختار: وكل ما حرم فى الصلاة حرم للحاضر فى خطبة الجمعة بل يجب عليه أن يستمع ويسكت بلا فرق بين قريب وبعيد.

ولا يرد تحذير من خيف هلاكه لأنه يجب لحق آدمى وهو محتاج اليه، والانبعاث والانصات لحق الله تعالى ومبناه على المسامحة.

[ثالثا: حكم خروج المعتكف من المسجد لاغاثة غيره]

جاء فى تبين الحقائق للزبلعى انه يفسد اعتكاف (٣) من خرج من المسجد بلا عذر ساعة أو أكثر من نصف يوم على أحد القولين فى ذلك.

فلو خرج المعتكف لانجاء الغريق أو الحريق أو للجهاد اذا كان النفير عاما أو لأداء شهادة فكل ذلك وفسد للاعتكاف.

أما لو خاف على نفسه أو ماله من المكابرين فخرج فلا يفسد اعتكافه.

رابعا: حكم اعلان الناس بطريق الأذان وقت

الخطر:

ذكر ابن عابدين (٤) فى حاشيته عند الكلام على الأذان لغير الصلاة أنه يندب الاذان عند مزدحم الجيش وعند الحريق.

خامسا: حكم التخلف عن الجماعة لانقاذ نفسه

أو ماله أو مال غيره:

جاء فى حاشية ابن عابدين أن الجماعة لا تجب (٥) على من خاف على ماله من لص ونحوه اذا لم يمكنه غلق الدكان أو البيت مثلا ومنه خوفه على تلف طعام فى قدر أو خبز فى تنور.

قال ابن عابدين وهل التقييد بماله للاحتراز عن مال غيره؟ والظاهر عدمه لأن له قطع الصلاة له ولا سيما ان كان أمانة عنده كوديعة أو عارية أو رهن بما يجب عليه حفظه.


(١) المرجع السابق لابن عابدين ج‍ ١ ص ٦٦٦، ٦٦٧ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) رد المحتار على الدر المختار المسماه بحاشية ابن عابدين ج‍ ١ ص ٦٦٨ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٣) كتاب تبين الحقائق شرح كنز الدقائق للامام فخر الدين عثمان بن على الزيلغى وبهامشه حاشية الشيخ الامام شهاب الدين أحمد الشلبى ج‍ ١ ص ٣٥١ وما بعدها طبع المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر سنة ١٣١٥ هـ‍ الطبعة الأولى.
(٤) حاشيه ابن عابدين على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ج‍ ١ ص ٣٥٧، ٣٥٨ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٥) المرجع السابق المعروف برد المحتار على الدر المختار لابن عابدين ج‍ ١ ص ٥١٤ وما بعدها الطبعة السابقة.