للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الزيدية]

أولًا وثانيًا: إنكار أصل النكاح وشروطه

جاء في (التاج المذهب): أنه إذا اختلف الزوجان فلا يخلو إما أن يختلفا في العقد أو في توابعه. فإن اختلفا في العقد فإما أن يختلفا في ثبوته أو في فسخه أو في فساده: أما إذا اختلفا في ثبوته فالقول لمنكر العقد منهما إما الزوجة أو الزوج مع اليمين عليه؛ لأن الأصل عدم العقد، فإن كان الزوج فيمينه على القطع إذا تولى العقد بنفسه، وإن وَكَّل غيره فيمينه على العلمِ، وأما الزوجةُ فَيمِينُها على العلم؛ لأنها تتعلقُ بفعلِ غيرها وهو الولى ولو حضرت العقد، والبينة على مدعى حصول النكاح منهما؛ لأنه خلاف الأصل.

وإذا اتفق الزوجان على وجود سبب فسخ النكاح، وادعى أحدهما الفسخ به كان القول لمنكر فسخه مع يمينه، والبينة على مدعِيه في وقتٍ متقدمٍ، وذلك كأن يُزْوجُ الصغيرة غيرُ أَبيها ثم بلغت وعلمت ومضى عليها مجلس البلوغ والعلم فادعت أنها قد فَسخَت حين بلغت وأنكر الزوج ذلك فالقول قول الزوج والبينة عليها؛ لأن الأصل عدم الفسخِ، ومما يلحق بدعوى الفسخ لو زَوجَ البكرَ البالغةَ العاقلةَ أبوها أو غيرهُ من سائرِ الأولياءِ ثم بلغها النكاح ثم اختلفا فقال الزوج لها: سكتِ حين بلغك خبر النكاح فالعقد صحيح، وقالت: رددتُ العقدَ حين بلغنى فهو مفسوخ؛ بمعنى أنه غير ثابت لعدم رضاها، فالقول قول الزوج؛ لأن السكوت رضًا في حق البكر فكان القول للزوج أنها لم ترد، والبينة عليها؛ لأنها تدعى خلافَ الأصل وهو السكوتُ. وكذا لو كان المُدعى للسكوتِ هي الزوجة، وقال الزوج: بل أنكرت، فالقول لها والبينةُ على الزوج. وكذلك لو قالت: لا أعلم أن لى الخيار وأن الرضاء إليّ فإنه يكون القول قولها؛ لأن الأصل عدم علم النساء بذلك في الأغلب، إلا أن تكون مُخالطة لأهل العلمِ فالظاهرُ علمها بذلك. وأما الثيب فلما كان المعتبر النطق في رضاها فالقول قولها أنها لم ترض بالعقدِ؛ إذ الأصل عدم النطق وهو السكوت، والبينة على الزوج برضاها بالنطق (١).

وإذا ادعى أحد الزوجين أو ورثة أحدهما أو جميعهما أن العقد فاسد نحو أن يقول: كان بغير ولى أو بغير شهود أو شهوده فسقة وأنكره الآخر فالقول قول مُنكِر فساده وبطلانه منهما، والبينة على مدعى الفساد؛ إذ الأصل عدم الفساد (٢).

وجاء في موضع آخر: إذا ادَّعى أحد الزوجين العيب في صاحبه وأنكر الآخر فعليه البينة؛ إذ الأصل عدمه، لكن حيث المعيب الزوج تكون البينة بعدلين وحيث هي الزوجة يكفى في البينة عدلة حيث يكون العيب في العورة المغلظة لا في غيرها فبعدلين، وسواء كان العيب ظاهرًا أو خافيًا في المستور من بدنها غير العورة (٣).

ثالثًا: إنكار المهر والزيادة فيه

جاء في (التاجِ المُذهبِ): أن القولَ لمنكرِ تسمية المهرِ عند الاختلاف حيثُ قال أحدهما: هو مسمى. وقال الآخر: لم يسم؛ لأن الأصل عدم التسميةِ، فالقولَ لمنكرِها، والبينةُ على المدعى


(١) التاج المذهب: ٢/ ٩٣ - ٩٤، وشرح الأزهار: ٢/ ٣٤٦.
(٢) التاج المذهب: ٢/ ٩٥.
(٣) السابق: ٢/ ٦٣.