للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما صدقاته عن المصلحة وقد يتصل الاستحسان بالمصلحة فى تصوير بعض الاصوليين للاستحسان كالسرخسى الذى عرفه بأنه ترك القياس والاخذ بما هو أرفق للناس، فان الاخذ بما هو أرفق للناس يتصل اتصالا قريبا بالمصلحة وكذلك سائر التعريفات التى أوردها للاستحسان بأنها تدور كما بينا حول ما يتصل بالمصلحة. وهو أيضا يتصل بالمصلحة فى تعريف ابن السبكى للاستحسان الذى تقدم من أنه العدول عن الدليل الى العادة للمصلحة وهذا يقتضى أن المصلحة ملاحظة فى الاستحسان باعتبار ابتنائه عليها عند ابن السبكى.

[آراء الفقهاء فى اعتبار الاستحسان]

نرى البدء فى ايراد الاقوال بما ذكره الشوكانى مع تأخره الزمنى لانه سرد الاراء بما يبين موقف الاصوليين من الاستحسان ثم نعقب بما ننقله عن كتب الاصول القديمة برأى كل مذهب أصولى ووجهة نظر صاحبه يقول: الشوكانى (١).

ونسب القول بالاستحسان الى أبى حنيفة وحكى عن أصحابه ونسبه امام الحرمين الى مالك وأنكره القرطبى فقال: ليس معروفا من مذهبه وكذلك أنكر أصحاب أبى حنيفة ما حكى عنه من القول به - وسيتجلى ما نقل عن أبى حنيفة وهو القول بالاستحسان بالرأى الذى أنكر أصحابه نسبته اليه - وقد حكى عن الحنابلة فقال ابن الحاجب فى المختصر: قالت به الحنفية والحنابلة وأنكره غيرهم ثم قال الشوكانى وقد أنكره الجمهور حتى قال الشافعى من استحسن فقد شرع. وروى عنه أنه قال القول بالاستحسان باطل. ونقل عن جماعة من المحققين أنه لا يتحقق استحسان مختلف فيه لانهم ذكروا فى تفسيره أمورا لا تصلح للخلاف ثم اشار الى تلك الامور.

ونقل عن الباجى أن الاستحسان الذى ذهب اليه أصحاب مالك هو القول بأقوى الدليلين كتخصيص بيع العرايا من بيع الرطب بالتمر قال وهذا هو الدليل فان سموه استحسانا فلا مشاحة فى التسمية.

وقال ابن الانبارى: الذى يظهر من مذهب مالك القول بالاستحسان الذى حاصله استعمال مسألة جزئية فى مقابلة قياس كلى. ونقل عن ابن السمعانى أن الخلاف لفظى فان تفسير الاستحسان بما يشنع به عليهم لا يقولون به وان الاستحسان بالعدول عن دليل الى دليل أقوى لا ينكره أحد. ويقول الشوكانى انه سبقه الى مثل هذا القفال فقال: ان كان المراد بالاستحسان ما دلت عليه الاصول بمعانيها فهو حسن لقيام الحجة به وهذا لا ننكره ونقول به وان كان ما يقع فى الوهم من استقباح الشئ واستحسانه من غير حجة فهو محظور والقول به غير سائغ وانتهى الشوكانى الى أن ذكر الاستحسان فى بحث مستقل لا فائدة فيه أصلا لانه ان كان راجعا للأدلة الاخرى فهو تكرار وان كان خارجا عنها فليس من الشرع فى شئ.


(١) ارشاد الفحول للشوكانى ص ٢٢٣