للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول ما يتخذ من التمر والزبيب.

والثانى: المتخذ من الشعير والحنطة والعسل وغيرها.

[النوع الأول: ما يتخذ من التمر والزبيب]

[مذهب الحنفية]

يفرق الحنفية بين النئ، والمطبوخ من هذا النوع.

فأما نبيذ التمر ونبيذ الزبيب النئ فهو حرام عندهم اذا ترك حتى غلا واشتد وقذف بالزبد، لأن غير المطبوخ من نبيذ التمر والزبيب حرام باجماع الصحابة رضى الله عنهم، وكذا ما روى عن أنس رضى الله عنه أن الخمر حرمت وهى يومئذ البسر والتمر. رواه البخارى ومسلم وأحمد. فالمراد به غير المطبوخ، لأن حكمه حكم الخمر، فلهذا أطلق عليه اسم الخمر.

وقد ورد فى حرمة المتخذ من التمر أحاديث كلها صحاح، وفى حله أحاديث أيضا فوجب حمل الأحاديث المحرمة على النئ، وحمل الأحاديث الأخرى غلى المطبوخ (١).

فالحنفية على هذا يقولون (٢): ان نبيذ التمر أو نبيذ الزبيب اذا طبخ أى منهما أدنى طبخة - وهو أن يطبخ الى أن ينضج فانه يحل شربه اذا شرب بلا لهو ولا طربء فلو شرب للهو فقليله وكثيره حرام.

ويشترط‍ أيضا لاباحة شربه أن لا يسكر. فاذا شرب ما يغلب على ظنه أنه يسكر كان حراما، لأن السكر حرام فى كل شراب.

وقد يسمى الشراب المتخذ من التمر الفضيخ وهو أن يفضخ التمر أى يشدخ، ثم يوضع فى الماء لتستخرج حلاوته وهو حرام اذا اشتد (*).

[مذهب المالكية]

جاء فى حاشية (٣) الدسوقى على الشرح الكبير، وأما النبيذ وهو ما أتخذه من ماء الزبيب أو البلح ودخلته الشدة المطربة، فشرب المقدار المسكر منه حرام وهو كبيرة اجماعا .. وكذلك شرب المقدار القليل الذى لا يسكر فانه حرام أيضا يجب فيه ما يجب فى الخمر. لأن كل ما أسكر من الأشربة فهو خمر نبيذا كان أو غيره (٤).

فلا فرق فى ذلك بين القليل والكثير، بل وان قل المسكر جدا فانه خمر حرام ولو لم يغب عقله بالفعل (٥).


(١) تبين الحقائق للزيلعى ج‍ ٦ ص ٤٦ الطبعة السابقة.
(٢) حاشية ابن عابدين ج‍ ٥ ص ٤٠٠ الطبعة السابقة.
(*) ويسمى أيضا الفضوح لبيان أنه يفضح شاربه فى الدنيا والآخرة المبسوط‍ لشمس الدين السرخس ج‍ ٢٤ ص ٦ الطبعة السابقة.
(٣) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج‍ ٤ ص ٣٥٢ الطبعة السابقة.
(٤) المدونة الكبرى للإمام مالك ج‍ ١٦ ص ٦١ الطبعة السابقة.
(٥) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه ج‍ ٤ ص ٣٥٢ الطبعة السابقة وبلغة السالك لأقرب المسالك ج‍ ١ ص ٨ الطبعة السابقة.