اذا كانوا مقطوعين الأيدى أو بهم مرض لا يستطيعون الرمى أن الامام يرمى ثم الناس.
وكذا يشترط لجواز اقامة الحد ألا يكون فى اقامة الجلدات خوف الهلاك لان هذا الحد شرع زاجرا لا مهلكا فلا يجوز الاقامة فى الحر الشديد والبرد الشديد لما فى الاقامة فيهما من خوف الهلاك ولا يقام على مريض حتى يبرأ لأنه يجتمع عليه وجع المرض وألم الضرب فيخاف الهلاك ولا يقام على النفساء حتى ينقضى النفاس لان النفاس نوع مرض ويقام على الحائض لأن الحيض ليس بمرض ولا يقام على الحامل حتى تضع وتطهر من النفاس لأن فيه خوف هلاك الولد والوالدة ويقام الرجم فى هذا كله الا على الحامل لأن ترك الاقامة فى هذه الأحوال للاحتراز عن الهلاك والرجم حد مهلك فلا معنى للاحتراز عن الهلاك فيه الا انه لا يقام على الحامل لأن فيه اهلاك الولد بغير حق.
[كيفية اقامة الحد]
جاء فى الهداية وشروحها (١) أنه اذا وجب الحد وكان حد زنا وكان الزانى محصنا رجم بالحجارة حتى يموت لأن النبى صلّى الله عليه وسلّم رجم ما عزا وقد أحصن وقال فى الحديث المعروف زنا بعد إحصان وعليه إجماع الصحابة رضى الله تعالى عنهم ثم إذا كان الحد قد ثبت بشهادة الشهود برجمه ثم الامام ثم الناس كذا روى عن على رضى الله تعالى عنه ولأو الشاهد قد يتجاسر على الأداء ثم يستعظم المباشرة فيرجع فكان فى بدائته احتيال للدرء وابتداء الشهود بالرجم شرط جواز اقامة الحد حتى لو امتنع الشهود عن الابتداء سقط الحد عن المشهود عليه وكذا اذا ماتوا أو غابوا فى ظاهر الرواية لفوات الشرط وفى المبسوط عن أبى يوسف قال يؤمر الشهود بالبداية اذا كانوا حاضرين حتى اذا امتنعوا لا يقام الرجم فاذا ماتوا أو غابوا يقام الرجم هنا لأنه قد تعذر البداية بهم بسبب لا يلحقهم فيه تهمة فلا يمتنع اقامة الرجم هذا اذا كان الحد ثبت بالشهادة.
فان كان الحد ثبت باقرار ابتدأ الامام ثم الناس كذا روى عن على رضى الله تعالى عنه وروى رسول الله صلّى الله عليه وسلما لغامدية بحصاة مثل الحمصة وكانت قد اعترفت بالزنا وان لم يكن الزانى محصنا وكان حرا فحده مائة جلدة ويأمر الامام بضربه بسوط لا ثمرة له ضربا متوسطا لأن عليا رضى الله تعالى عنه لما أراد أن يقيم الحد كسر ثمرته والضرب المتوسط بين المبرح وغير المؤلم لإفضاء الأول الى الهلاك وخلو الثانى عن المقصود وهو الانزجاب وتنزع عنه ثيابه دون الإزار لأن عليا رضى الله تعالى عنه كان يأمر بالتجريد فى الحدود ولأن التجريد أبلغ فى ايصال الألم اليه وهذا الحد مبناه على الشدة فى الضرب ويفرق الضرب على أعضائه لأن الجمع فى عضو واحد قد يفضى الى التلف والحد زاجر لا متلف.
ولا يضرب على رأسه ووجهه وفرجه لقول النبى صلّى الله عليه وسلّم للذى أمره ضرب الحد اتق الوجه والمذاكر ولأن الفرج مقتل والرأس مجمع الحواس وكذا الوجه وهو مجمع المحاسن أيضا فلا يؤمن فوات شئ منها بالضرب وذلك اهلاك معنى فلا يشرع حدا.
وقال أبى يوسف رحمه الله تعالى يضرب الرأس أيضا ويضرب فى الحدود كلها قائما غير ممدود لقول على رضى الله تعالى عنه يضرب الرجال فى الحدود قياما ويضرب النساء قعودا ولأن مبنى اقامة الحد على التشهير والقيام أبلغ فيه وان كان عبدا جلده خمسين جلدة لقول الله تعالى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ} والمرأة لا ينزع من ثيابها الا الفرو والحشو لأن فى تجريدها كشف العورة والفرو والحشو يمنعان وصول الألم الى المضروب والستر حاصل بدونهما فينزعان وتضرب