للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يرجع إلا بدينه خاصة ولم يذكر اختلاف الرواية.

وجه الرواية الأولى (١): أنه التزم الفداء باختياره مع قدرته على ألا يلتزم لأنه لو لم يلتزم لخوطب الراهن فكان متبرعا فيه فلا يملك الرجوع.

ووجه الرواية الأخرى: أن المرتهن يحتاج إلى إصلاح قدر المضمون منه ولا يمكنه ذلك إلا بإصلاح قدر الأمانة فكان مضطرّا فلم يكن متبرعا. وإن كان الذى اختار الفداء هو الراهن ففداه بجميع الأرش لا يكون متبرعا بل يكون قاضيا بنصف الفداء دين المرتهن. ثم ينظر إن كان نصف الفداء مثل كل الدين سقط‍ الدين كله.

وإن كان أقل منه سقط‍ من الدين بقدره ورجع بالفضل على الراهن ويحبسه رهنا به.

[مذهب المالكية]

وإن ادعى شخص على الراهن (٢) جناية الرهن واعترف راهنه بالجناية لم يصدق الراهن إن أعدم به بأن كان معدما. ولو بالبعض حال اعترافه لاتهامه على تخليصه من المرتهن ودفعه للمجنى عليه.

والمراد أنه لم يصدق بالنسبة للمرتهن.

وأما بالنسبة للراهن فيصدق لأنه مكلف يؤخذ بإقراره فيخير بعد وفاء الدين فى تسليمه للمجنى عليه وفدائه. فإن بيع فى الدين تبع المجنى عليه الراهن بالأقل من الثمن وأرش الجناية، وهذا فى رهن تتعلق به الجناية كعبد.

وأما حيوان لا يعقل فلا تتعلق به جناية، بل إما هدر، وإما أن تتعلق بالغير كالسائق والقائد والراكب.

وألا يكن الراهن معدما بل كان مليّا بقى الرهن على رهنيته إن فداه راهنه بأن دفع للمجنى عليه أرش الجناية وإلا يفده سيده الملئ أسلم الرهن وجوبا للمجنى عليه لكن بعد مضى الأجل ودفع الدين لربه لأنه وثيقة مقدمة على الجناية.

فإذا حل الأجل جبر على دفعه وعلى إسلامه.

كذا فى المدونة. وقد علم من هذا أنه يبقى رهنا فى المسألتين.

لكنه فى حال الفداء يبقى ساقطا حق المجنى عليه منه. وفى حال عدمه يبقى معه تعلق حق المجنى عليه به. وإن ثبتت الجناية بعد الرهن ببينة أو اعترفا معا أى المرتهنان فإن فداه الراهن بقى رهنا بحاله.

وإن لم يفده وأسلمه أى أراد اسلامه للمجنى عليه خير المرتهن فإن أسلمه مرتخنه أيضا كالراهن فالعبد الجانى للمجنى عليه بحاله رهن معه أولا ويبقى دين المرتهن بلا رهن لرضاه بذلك وإن فداه المرتهن بغير اذن الراهن ففداؤه نافذ فى رقبته فقط‍ دون ماله مبدأ به على الدين ويبقى رهنا على حاله وإن لم يرهن بحاله فإن رهن ففداؤه فيهما وأما ذمة الراهن فلا يتعلق الفداء بها مطلقا ولم يبع العبد الجانى المفدى سواء


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للامام علاء الدين أبى بكر بن مسعود ج ٦ ص ١٦٧ الطبعة السابقة.
(٢) كتاب حاشية الدسوقى على الشرح الكبير للعلامة شمس الدين الشيخ محمد عرفه الدسوقى على الشرح الكبير لأبى البركات سيدى أحمد الدردير مع تقريرات للعلامة المحقق سيدى أحمد محمد عليش ج ٣ ص ٢٥٦ وما بعدها طبع مطبعة دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر.