للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} (١) وتحل أمة كتابية لكتابى حرًا أو عبدًا على الصحيح لاستوائهما في الدين، وقابل الصحيح: أن كفرها مانع من زواجها. ولا تحل الأمة الكتابية لعبد مسلم في المشهور لأن كفرها مانع من نكاحها والقول المقابل له: أن الأمة الكافرة تحل للعبد المسلم لاستوائهما في الرق.

ولو نكح حر أمة بشرطه ثم أيسر، أو نكح حرة لم ينفسخ زواج الأمة لقوة الدوام.

ومن لا يحل له زواج الأمة إذا تزوج حرة وأمة بعقد واحد بطل العقد بالنسبة للأمة قطعًا لانتفاء شروطها، لا الحرة في الأظهر. والقول المقابل له: يبطل العقد بالنسبة للحرة أيضًا فرارًا من تبعيض العقد فلو قال له: زوجتك بنتى وأمتى فقال: قبلت نكاحها فعلى الأول يبطل العقد بالنسبة للأمة فقط وعلى القول الثاني يبطل العقد بالنسبة لهما معا. ولو جمعهما من تحل له الأمة بعقد واحد كأن رضيت الحرة بتأجيل المهر بطل عقد الأمة قطعا لأنها لا تقارن الحرة كما لا تدخل عليها لاستغنائه عنها. وفى الحرة طريقان أرجحهما: ما في الشرح الصغير للرافعى على الوجيز أنه على القولين، والثانى: القطع بالبطلان لأنه جمع بين امرأتين يجوز أفراد كل منهما فيمتنع الجمع بينهما كالأختين (٢). ومن حرم جمعهما بنكاح حرم جمعهما في الوطء بملك لا يحرم ملكهما معا، فيجوز شراء أختين مثلا ويحرم وطؤهما وله وطء أيتهما يشاء فإن وطئ واحدة منهما حرمت الأخرى حتى يحرّم الأولى بمحرِّم كبيع أو تزويج أو كتابه أما الحيض أو الإحرام فلا يحلان وطء الثانية لأنه لا يزيل الملك ولا الاستحقاق، وكذا على الأصح. ولو ملكها ثم نكح أختها الحرة أو العكس حلت المنكوحة دون المملوكة (٣).

[مذهب الحنابلة]

ولى الأمة - ولو كانت آبقة - هو سيدها المكلف الرشيد لأنه عقد على منافعها فكان إليه كالإجارة، ولو كان سيدها فاسقًا أو مكاتبًا لأن تزويجه إياها تصرف في ماله فصح ذلك منه كالبيع ولكن لا يزوجها المكاتب إلا بإذن سيده فإن كان لها سيدان اشتركا في الولاية وليس لواحد منهما الاستقلال بها بغير إذن صاحبه (٤). ويزوّج الأمة المملوكة لامرأة مات من يزوج سيدتها من أب وجد وأخ وعم ونحوهم وذلك بإذنها وبشرط نطقها بالإذن. ولو كانت المالكة بكرًا فلابد من نطقها بالإذن وإن كانت المالكة محجورا عليها فيزوج أمتها وليها في مالها من أب أو وصى أو حاكم أو قيم على سيدتها وكذلك الحكم في أمة أبنه الصغير أو المجنون أو السفيه (٥) ولو زوجت السيدة أمتها أو وكلت غير وليها في تزويج أمتها لم يصح نكاحها لعدم وجود شرط النكاح (٦).

وإن وطئ أمته ثم تزوج أختها أو عمتها أو خالتها ونحوها لم يصح النكاح لأن عقد النكاح تصير به المرأة فراشا فلم يجز أن يرد على فراش الأخت كالوطء. ولأن وطء مملوكته معنى يحرم


(١) القليوبي وعميرة جـ ٣ ص ٢٤٩.
(٢) القليوبي وعميرة جـ ٣ ص ٢٤٩ و ٢٥٠.
(٣) القليوبي جـ ٣ ص ٢٤٥.
(٤) كشاف القناع جـ ٥ ص ٥٢ (طبعة الرياض) باب الولى.
(٥) الكشاف جـ ٥ ص ٤٩.
(٦) كشاف القناع جـ ٥ ص ٤٨.