للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أختها لعلة الجمع، فمنع صحة النكاح كالزوجية. فإن حرمت عليه سُرِّيته بإخراجها من ملكه ثم تزوج الأخت ونحوها بعد استبرائها صح النكاح لزوال كونها فراشا له، فإن رجعت إليه الأمة فالزوجية بحالها لأنها أقوى، ولا يطأ واحدة منهما حتى تحرُم عليه الأخرى. وأن اعتق سُرّيته ثم تزوج أختها قبل فراغ مدة استبرائها لم يصح النكاح (١). والأمة الكتابية لا تحل لمسلم ولو عبدًا نكاحها لقوله تعالى: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} ولئلا يؤدى إلى استرقاق الكافرة ولدها المسلم (٢). ولا تحل أمة مسلمة لحر مسلم، إلا أن يخاف الحر عنت العزوبة إما لحاجة متعة وإما لحاجة خدمة لكبر أو سقم أو نحوهما، ولا يجد طولا لنكاح حرة ولو كانت كتابية، بألا يكون معه مال حاضر يكفى لنكاحها ولا يقدر على ثمن الأمة ولو كتابية فتحل له الأمة إذن لقوله تعالى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} إلى قوله {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} هذا إن لم تجب نفقته على غيره. فإن وجبت لم يجز له أن يتزوج أمة لأن المنفق يتحمل ذلك عنه فيعفه بحرة، وإن قدر على ثمن أمة لم يتزوج الأمة قاله كثير من الأصحاب وهو الأظهر. والصبر عن نكاح الأمة مع حله له خير وأفضل لقوله تعالى: {وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ}. وللحر تزوج الأمة بالشرطين المذكورين مع صغر زوجته الحرة أو غيبتها أو مرضها بحيث تعجز بالمرض عن الخدمة لأن الحرة التي لا تعفه كالعدم. أو كان له مال ولكن لم يستطع زواج حرة لقصور نسبة فله نكاح الآمة لأنه غدر مستطلِع الطول إلى نكاح حرة، أو كان له مال غائب فله أن يتزوج الأمة بشرطه وهو خوف العنت فإن وجد من يقرضه ما يتزوج حرة أو رضيت الحرة بتأخير صداقها أو بدون مهر مثلها أو بذله له باذل لم يلزمه أن يتزوج الحرة وجاز له أن يتزوج الأمة حيث خاف العنت لأنه لم يستطع طولا لنكاح الحرة بلا ضرر عليه لما فيه من المنة أو التعرض للمطالبة. والقول قوله في خشية العنت وعدم الطول حتى لو كان في يده مال فادعى أنه وديعة أو مضاربة قبل قوله. ومتى تزوج أمة ثم ذكر أنه كان موسرًا حال النكاح أو لم يكن يخشى العنت فرق بينهما، فإن كان إقراره قبل الدخول وصدقه السيد فلا مهر، لاتفاقهما على بطلان النكاح وأن كذبه السيد فللسيد نصف المهر، وإن كان إقراره بعد الدخول فعليه المسمى جميعه. وإذا تزوج الأمة وفيه الشرطان ثم أيسر أو نكح حرة أو زال خوف العنت أو نحوه كما لو تزوجها لغيبة زوجته فحضرت أو لصغرها فكبرت أو لمرضها فعوفيت لم يبطل نكاحها وحكم الأمة الكتابية في زواجها الكتابى الحر كحكم الأمة المسلمة في زواجها بالحر المسلم، فلا يحل للكتابى أن يتزوج الأمة الكتابية إلا بالشرطين (٣) والأمة تتزوج الرقيق كله أو بعضه ولو فقد فيه الشرطان ولو كان معه حرة.

ولا يصح لحر أن يتزوج أمته لأن النكاح يوجب للمرأة حقوقا من القسم والمبيت وغيرهما وذلك يمنعه ملك اليمين، فلا يصح مع وجود ما ينافيه ولأن ملك الرقبة يفيد ملك المنفعة وإباحة


(١) كشاف القناع جـ ٥ ص - ٧٩ و ٨٠ (المحرمات).
(٢) كشاف القناع جـ ٥ ص ٨٤ و ٨٥ وما بعدها (المحرمات إلى أمد).
(٣) كشاف القناع جـ ٥ ص ٨٥ وما بعدها (في بيان المحرمات إلى أمد).