للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خاطه غدا فبنصف درهم، أو قلت له ان خطته على صفة كذا فبدرهم وان خطته على صفة كذا فبنصف درهم لم يجز اذ هو من وجه بيعتان فى بيعة فان خاطه فله أجر مثله زاد على التسمية أم نقص وقال بعض المالكية فى المسألة الأولى الا أن يزيد أجر المثل على الدرهم أو ينقص عن نصف درهم فلا يزاد ولا ينقص. وهذا كما يرى يدل على أن التخيير فى جميع صوره غير جائز فى الاجارة لأنه بيعتان فى بيعة. لكن جاء فى الدسوقى تعليقا على القول بفساد الاجارة فى الصورة الأولى: اعلم أن محل الفساد فى هذه الصورة اذا وقع العقد على الالزام ولو لاحد المتعاقدين فان وقع على أن الخيار فيه لكل منهما جاز وذلك لأن الغرر لا يعتبر مع الخيار لأنه اذا اختار أمرا فكأنه ما عقد الا عليه اذ عقد الخيار منحل.

أما دفع دراهم بعد العقد زيادة على المسمى ليسرع فى العمل فذلك جائز. وظاهر هذا أن التخيير على الحيلة فى عقد الاجارة جائز اذا لم يكن هناك الزام لاحد المتعاقدين بالعقد بل كان لكل منهما الخيار فى امضائه ومقتضى هذا أنه جائز عند المالكية مع اشتراط‍ الخيار لكل منهما فى العقد (١).

[مذهب الشافعية]

نص الشافعية على أن الأجرة تملك بالعقد فاذا حصل فى العقد تخيير وترديد فأية أجرة تملك به.

وهذا يفيد عدم جواز خيار التعيين فى الاجارة عندهم ويؤيد هذا ما نقله الكاسانى عنهم (٢).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى - ان قال ان خطت هذا الثوب اليوم فلك درهم وان خطته غدا فلك نصف درهم فعن أحمد فيه روايتان:

احداهما لا تصح الاجارة وله أجر المثل ان خاط‍ وهذا مذهب مالك والثورى والشافعى واسحاق وأبى ثور، ثانيهما - تصح الاجارة لأنه سمى لكل عوضا معلوما فصح - ولو قال ان خطته روميا فلك درهم وان خطته فارسيا فلك نصف درهم ففيه وجهان بناء على التى قبلها والخلاف فيها كالخلاف فيما قبلها (٣).

[مذهب الزيدية]

ذهب الزيدية الى أن التخيير للعامل اما فى العمل مثل أن يقول على أن تخيط‍ هذا الثوب قميصا أو قباء واما فى العين مثل أن يقول على أن تزرع هذه الأرض أو هذه، أو فى الأجرة مثل أن تقول على أن تخيط‍ هذا الثوب بخمسة أو هذا الثوب بعشرة واما فى نوع الاستعمال فى العين المؤجرة مع الأجرة مثل أن تقول أجرتك هذا الدكان على أنك ان عملت فيه حدادا فالأجرة عشرة وان بعت فيه قماشا فالأجرة خمسة فان مضت المدة مع التخلية والخيار فيها للمستأجر ولم يفعل أيهما لزمه الأقل من الأجرين لأنه المتيقن والأصل براءة الذمة من الزائد فان فعلهما معا فالمختار أنه يلزمه أجر الثوب الأول ولا شئ له على الثوب الثانى لأن الشروع فى الأول اختيار له فلم يكن له أن يعمل الثانى. وفى مسألة الدكان يلزمه أجر ما شرع فيه من الاستعمالين


(١) الحطاب ج‍ ٥ ص ٤٠٣، والشرح الكبير ج‍ ٤ ص ٧
(٢) البدائع ج‍ ٤ ص ١٨٥ والمنهج ج‍ ٣ ص ١٨٦.
(٣) ج‍ ٦ ص ٨٧.