للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذه الشروط‍ أو أكثرها حين يشترطها أحد الطرفين فى عقد النكاح على الطرف الآخر تعتبر بالنسبة للمشروط‍ عليه بمثابة اسقاط‍ حق مقرر له بمقتضى أحكام الشريعة ونصوصها فيكون قبول الشرط‍ واسقاط‍ الحق على خلاف ما جاء به الشرع ومخالفة المشروع غير جائزة.

[جواز الاسقاط‍ وعدم جوازه فى شروط‍ النكاح]

وما ذكر من القواعد والأحكام الخاصة بشروط‍ النكاح فى المذاهب المشار اليها هو الأساس فى الكلام على جواز الاسقاط‍ وعدم جوازه فى شروط‍ النكاح التى سيتناولها الكلام بصفة عامة فى المذاهب كلها.

أولا: اذا أسقط‍ الزوج حقه فى نقل

زوجته من بلدها أو من دارها أو فى

السفر بها من بلد الى بلد آخر.

بأن تزوجها على ألا ينقلها من بلدها أو من بيتها أو على أن تسكن حيث أحبت أو على ألا يسافر بها فهل يجوز ذلك ويلزمه الوفاء بهذا الشرط‍.

[مذهب الحنفية]

قال الحنفية: ان هذا الشرط‍ لاغ ولا يعمل به ولا يلزم الزوج الوفاء به، لأنه يتضمن اسقاط‍ حق للزوج قررته له الشريعة حيث جعلت له الحق فى أن ينقل زوجته الى بيت الزوجية ويسكن بها حيث أحب فى مسكن لائق مستوف لكل ما تتطلبه الحياة الكريمة حسب المستوى المناسب، وليس من غرضه ايذاؤها فيكون اسقاط‍ هذا الحق بالشرط‍ على خلاف المشروع وتغييرا له فلا يجوز. وأن بنى هذا الشرط‍ على قدر المهر كأن تزوجها على ألف أن أقام بها وعلى ألفين أن أخرجها فالحكم بالنسبة للالزام بالشرط‍ لا يتغير أما بالنسبة للمهر.

ففى رأى الامام أبى حنيفة أن أقام بها فلها الألف وأن أخرجها فلها مهر المثل لا يزاد به عن الألفين ولا ينقص عن الألف.

وفى رأى الصاحبين الشرطان جائزان حتى كان لها الألف ان أقام بها والألفان أن أخرجها (١).

[مذهب المالكية]

قال المالكية: أن هذا الشرط‍ لاغ ولا يلزم الزوج بالوفاء به وأن كان يستحب له ذلك. وأن بنى على قدر المهر وردد فى شرطين على قدرين كأن يتزوجها بألف وتشترط‍ عليه أن أخرجها من بلدها أو من بيت أبيها فمهرها ألفان يصح العقد ولا يلزمه الوفاء بالشرط‍ فأن لم يف به وأخرجها من بلدها أو من بيت أبيها لا تلزمه الألف الثانية على المشهور عندهم.

وقيل ترجع بالأقل من الألف وبقية صداق مثلها (٢).


(١) حاشية رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين ج ٢ ص ٣٥٩ الطبعة السابقة.
(٢) الخرشى ج ٣ ص ١٩٥.