للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويرى صاحب هذا القول أن التيمم رافع للحدث رفعا مطلقا، وعندنا هو رافع للحدث رفعا مؤقتا بارتفاع المانع (١).

والتيمم على هذا القول الذى هو انتقاضه بوجود الماء أو الصحة كأصله الذى هو الوضوء أو الغسل فكما أنه من استعمل الماء لا ينقض استعماله بوجود ماء كذلك لا ينقض التيمم وجود الماء عندنا وينتقض التيمم بوجود الماء قبل الشروع فى الصلاة بتكبيرة الاحرام أو بعدها بالسلام اتفاقا عندنا والخلف المذكور فى انتقاض التيمم بوجود الماء بعد الشروع فى الصلاة وقبل الخروج منها، فقيل تمت له لشروعه فيها، وقيل لا بل انتقضت ويقطعها لحدوثه قبل الفراغ منها، ثم الناقض للتيمم هل هو رؤية الماء وان لم يمكنه استعماله أو امكان استعماله مع دخول الوقت فان لم يمكنه استعماله أو وجده قبل الوقت لم ينقض تيممه وذلك أنه تيمم وصلى ووجد الماء قبل وقت الصلاة الثانية فتيممه صحيح باقى لأنه لم يخاطب بالوضوء قبل وقت الصلاة فلا ينقضه وجود الماء قبل وقتها فاذا دخل الوقت انتقض لخطابه بالوضوء بالماء وهو المختار لأنه غير واجد اذ لم يقدر على استعماله. وان وجد الماء وضاق الوقت على استعماله فقيل ينتقض وقيل لا، وان وجده وقد احتاج اليه لشرب أو اطعام على ما مر لم ينتقض، وان تيمم اثنان لعدم الماء ثم وجدا ما يكفى أحدهما وهما فيه على حد سواء اذ وصلا اليه بمرة فقيل هما على استصحابه بناء على أنه اذا لم يجد أحد من الماء ما يكفيه يعدل الى التراب وقيل ينتقض ويتوضأ كل بسهمه الى حيث وصل أو ينتقض ويعيدان التيمم وان وهب سهمه لصاحبه انتقض تيمم صاحبه لوجود ما يكفيه وان سبق اليه أحدهما كان له فينتقض تيممه ويتوضأ به، وكذا مقيم أو مسافر تيمم لعذر ثم استراح ولم يجد ماء هل ينتقض تيممه عليه أو لا ينتقض حتى يجده بعد دخول الوقت ويمكنه استعماله قولان ثالثهما أنه ينتقض بوجوده ولو لم يمكن استعماله ورابعها أنه لا ينتقض حتى يجئ ما ينقضه غير الماء (٢).

[ما يفسد الصلاة وما لا يفسدها]

[مذهب الحنفية]

جاء فى بدائع الصنائع أن المفسد للصلاة أنواع منها الحدث العمد قبل تمام أركانها بلا خلاف حتى يمتنع عليه البناء واختلف فى الحدث السابق وهو الذى سبقه من غير قصد وهو ما يخرج من بدنه من بول أو غائط‍ أو ريح أو رعاف أو دم سائل من جرح أو دمل به بغير صنعه قال أصحابنا رحمهم الله تعالى لا يفسد الصلاة فيجوز البناء استحسانا ووجه الاستحسان النص واجماع الصحابة رضى الله تعالى عنهم أما النص فما روى عن عائشة رضى الله تعالى عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من قاء أو رعف فى صلاته انصرف وتوضأ وبنى على صلاته ما لم يتكلم وكذا روى ابن عباس وأبو هريرة رضى الله تعالى عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم. وأما اجماع الصحابة فان الخلفاء الراشدين والعبادلة الثلاثة وأنس بن مالك وسلمان الفارسى رضى الله تعالى عنهم قالوا مثل مذهبنا وروى أن أبا بكر الصديق رضى الله تعالى عنه سبقه الحدث فى الصلاة فتوضأ وبنى وعمر رضى الله تعالى عنه سبقه الحدث وتوضأ وبنى على صلاته وعلى رضى الله تعالى عنه كان يصلى خلف عثمان رضى الله تعالى عنه فرعف فانصرف وتوضأ وبنى على صلاته فثبت البناء من الصحابة رضى الله تعالى عنهم قولا وفعلا والقياس يترك بالنص والاجماع (١).


(١) المرجع السابق ج ١ ص ٢٤٠ الطبعة السابقة
(٢) شرح النيل وشفاء العليل للشيخ محمد بن يوسف أطفيش ج ١ ص ٢٤١، ص ٢٤٢ الطبعة السابقة.