للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيها وكالخمرة فى ذلك سائر المسكرات المائعة.

[مذهب الحنابلة]

لا يجوز شرب المسكر لعطش ولا للذة ولا لتداو لما روى وائل بن حجر ان طارق بن سويد الجعفى سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن الخمر فنهاه وكره له ان يصنعها فقال انما اصنعها للدواء فقال أنه ليس بدواء ولكنه داء رواه مسلم .. بخلاف ماء نجس فيجوز شربه للعطش لما فيه من البرد والرطوبة بخلاف المسكر فانه لا يحصل به رى لأن فيه من الحرارة ما يزيد العطش (١) ولا يجوز استعمال المسكر فى عير ما ذكر ..

الا لمكره فيجوز له تناول ما أكره عليه فقط‍ لحديث عفى عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، أو لمضطر اليه خاف التلف لدفع لقمة غص بها وليس عنده ما يسيعها فيجوز له تناوله لقوله تعالى {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} ولأن حفظ‍ النفس مطلوب بدليل اباحة الميتة عند الاضطرار اليها وهو موجود هنا .. وفى المغنى وغيره كالشرح: ان شربها أى الخمر لعطش فان كانت ممزوجة بما يروى من العطش أبيحت لدفعه عند الضرورة كما تباح الميتة عند المخمصة وكاباحتها لدفع الغصة. وان شربها صرفا أو ممزوجة بشئ يسير لا يروى من العطش لم تبح لعدم حصول المقصود بها لأنها لا تروى بل تزيده عطشا وعليه الحد، لأن اليسير المستهلك فيها لم يسلب عنها اسم الخمر (٢).

[مذهب الظاهرية]

ذكر ابن حزم هذه المسألة تحت عنوان من اضطر الى شرب الخمر ..

وقد نص فى هذا الموضع على اباحة الخمر للعلاج وللأمور الأخرى كالأكراه والعطش. وقد استدل على نفى الحد عمن شربها للعلاج ونحوه بقوله تعالى {(وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ» ثم قال بعد ذلك:

«فصح أن المضطر لا يحرم عليه شئ مما اضطر اليه من طعام أو شراب (٣)».

ويستفاد مما قاله ابن حزم الحاق السوائل المحرمة الأخرى بالخمر عند الاضطرار اليها، لما روى عن طريق أنس أن قوما من عكل وعرينة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتكلموا بالاسلام، فقالوا يا رسول الله انا كنا أهل ضرع ولم نكن أهل ريف، واستوخموا المدينة فأمر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذود


(١) كشاف القناع ج ٤ ص ٧٠ طبعة سنة ١٣١٩ هـ‍.
(٢) المغنى ج ١ ص ٤١٣ طبعة سنة
(٣) المحلى ج ١١ ص ٣٧٢.