والنسب يحتاط لاثباته ولهذا لو ولدت امرأة رجل وهو غائب عنها بعد عشر سنين أو أكثر من غيبته لحقه الولد وان لم يعرف للرجل قدوم اليها ولا عرف لها خروج من بلدها.
ومن له امتان لكل واحدة منهما ولد ولا زوج لواحدة منهما ولم يقر بوطئهما فقال أحد هذين ابنى أخذ بالبيان فان عين أحدهما ثبت نسبه وحريته ويطالب ببيان الاستيلاد فان قال استولدتها فى ملكى فالولد حر الأصل وأمه أم ولد وان قال من نكاح أو وط ء بشبهة فأمه رقيقة قن، ذكره فى الكافى وغيره وترق الأخرى وولدها، وان ادعت الأخرى أنها المستولدة فالقول قوله بيمينه وان مات قبل البيان قام وارثه مقامه فان لم يكن له وارثا أو لم يعين الوارث عرض على القافة فألحق به من تلحقه به وان لم تكن قافة أو أشكل أقرع بينهما فيعتق أحدهما بالقرعة وتقدم انه لا مدخل للقرعة فى تمييز النسب ويجعل سهمه فى بيت المال لأنا نعلم أن أحدهما يستحق نصيب ولد ولا يعرف عينه فلا استحقه بقية الورثة قاله السامرى رحمه الله تعالى.
[مذهب الظاهرية]
جاء فى المحلى (١): انه ان تزوج رجلان بجهالة امرأة فى طهر واحد أو ابتاع احدهما أمة من الآخر فوطئها وكان الأول قد وطئها أيضا ولم يعرف أيهما الأول ولا تاريخ النكاحين أو الملكين فظهر بها حمل فأتت بولد فانه ان تداعياه جميعا فانه يقرع بينهما فيه فأيهما خرجت قرعته ألحق به الولد وقضى عليه لخصمه بحصته من الدية ان كان واحدا فنصف الدية وان كانوا أربعة فثلاثة أرباع الدية وهكذا الحكم فيما زاد سواء كان المتداعيان أجنبيين أو قريبين أو أبا وابنا أو حرا وعبدا فان كان أحدهما مسلما والآخر كافرا الحق بالمسلم ولا بد بلا قرعة فان تدافعاه جميعا أو لم ينكراه ولا تداعياه فانه يدعى له بالقافة «الذين يعرفون الشبه والأثر» فان شهد منهم واحد عالم عدل او أكثر من واحد بأنه ولد هذا ألحق به نسبه فان ألحقه واحد أو أكثر باثنين فصاعدا طرح كلامهم وطلب غيرهم ولا يجوز أن يكون ولد واحد ابن رجلين ولا ابن امرأتين وكذلك ان تداعت امرأتان فأكثر ولدا فان كان فى يد احداهما فهو ابنها وان كان فى أيديهن كلهن أو لم يتداعياه ولا أنكرتاه أو تدافعتاه دعى له القافة كما قلنا برهان ذلك ما رويناه من طريق الليث ابن سعد رحمه الله تعالى عن ابن شهاب رحمه الله تعالى عن عروة بن الزبير رحمه الله تعالى عن عائشة أم المؤمنين رضى الله تعالى عنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على مسرورا تبرق أسارير وجهه فقال: ألم ترى أن مجززا نظر إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد رضى الله تعالى عنهما فقال: ان بعض هذه الأقدام لمن بعض وروى من طريق أبى داود رحمه الله تعالى حدثنا عمرو بن عثمان الحمصى حدثنا الوليد رحمه الله تعالى - هو ابن مسلم - عن الأوزاعى رحمه الله تعالى عن يحيى بن أبى كثير رحمه الله تعالى عن أبى قلابة عن أنس بن مالك
(١) كتاب المحلى لأبى سعيد بن على بن حزم الظاهرى الأندلسى ج ١٠ ص ١٤٨ مسألة رقم ١٩٤٥ طبع مطابع مطبعة ادارة الطباعة المنيرية بمصر سنة ١٣٤٨ هـ الطبعة الأولى.