للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصلح عن ألف مؤجل عليه نصفه حالا إلا فى صلح المولى مكاتبه فيجوز، ويعلل ابن عابدين عدم الجواز بأنه اعتياض عن الأجل وهو حرام، وعلل الجواز فى المكاتب بأن معنى الإرفاق فيما بينهما أظهر من معنى المعارضة فلا يكون هذا مقابلة الأجل ببعض المال ولكنه إرفاق من المولى يحط‍ بعض المال ومساهلة من المكاتب فيما بقى قبل حلول الأجل ليتوصل إلى شرف الحرية.

[مذهب المالكية]

جاء فى المدونة (١) ما يدل على منع البيع الذى يدخله ضع عنى وتعجل. وقد ذكر سحنون فيها صورا كثيرة من أوضحها أنه سأل ابن القاسم فقال: لو أنى أقرضت رجلا مائة أردب من الحنطة إلى سنة فجئته قبل الأجل فقلت له: أعطنى خمسين وأضع عنك الخمسين. أيصلح هذا أم لا.

قال: قال مالك لا يصح هذا لأنه يدخله ضع عنى وتعجل والقرض فى هذا والبيع سواء. ونقل ابن القاسم وابن وهب عن مالك بسنده إلى مولى السفاح أنه أخبره أنه باع بزا من أصحاب دار بجلة إلى أجل ثم أراد الخروج فسألوه أن ينقدوه ويضع عنهم فسأل زيد بن ثابت عن ذلك فقال: لا آمرك أن تأكل ذلك ولا تؤكله، وذكر عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا ينهون عنه.

[مذهب الشافعية]

نص الشافعية على عدم صحة الصلح فى الدين المؤجل على تعجيل بعضه وترك الباقى كما لو صالح من عشرة مؤجلة على خمسة حالة فإنه لا يصح لأنه جعل ترك الخمسة المتروكة فى مقابلة تعجيل الخمسة (٢).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى إذا كان عليه دين مؤجل فقال لغريمه: ضع عنى بعضه وأعجل لك بقيته لم يجز، وروى عن أبى عباس أنه لم ير به بأسا، وروى ذلك عن النخعى وأبى ثور لأنه آخذ لبعض حقه تارك لبعضه فجاز كما لو كان الدين حالا (٣).

[مذهب الظاهرية]

يقول ابن حزم (٤): لا يجوز تعجيل بعض الدين المؤجل على أن يبرئه من الباقى فإن وقع رد وصرف إلى الغريم ما أعطى.

[مذهب الزيدية]

يقول صاحب البحر الزخار (٥): لو قال عجل لى وأنا أحط‍ عنك كذا، ففعل من غير شرط‍ فى العقد صح إجماعا، إذ لا مانع ولا يصح مع الشرط‍ إذ يقتضى بيع الأجل، ونقل عن الهادى وأبى طالب أنه لا يصح مع الشرط‍ وعن العباس والمؤيد بالله والإمام يحيى أنه يصح مع الشرط‍ إذ الحط‍ يلحق العقد وإذا جاز منفردا جاز مشروطا.

وقل صاحب البحر أنه الأقرب إذ الشرط‍ لا يقتضى الربا ولا يشبهه وذكر خلافا فيما إذا كان الدين فى غير السلم، ورجح أنه يصح، ثم قال: فأما الزيادة فى الحق ليزيد فى الأجل فمحرمة إجماعا لأنه ربا الجاهلية


(١) ج‍ ٩ ص ١٢٣ فما بعدها.
(٢) نهاية المحتاج ج‍ ٤ ص ٣٧٤.
(٣) المغنى ج‍ ٤ ص ١٧٤، ١٧٥.
(٤) المحلى ج‍ ٨ ص ٩٧ مسألة ١٢٠٤.
(٥) ج‍ ٣ ص ٤٠٩.