للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه قهرا ولو قاتل بشبهة أو دفعا للصائلين أو قطاع الطريق لم ينتقض، ولو زنى ذمى بمسلمة أو لاط بمسلم أو أصابها بصورة نكاح مع علمه بإسلامها فيهما - ومثل الزنا مقدماته كما قال الناشرى - أو دل أهل الحرب على عورة للمسلمين كضعف، أو فتن مسلما عن دينه أو دعاه لكفر أو طعن في الإسلام أو القرآن أو ذكر جهرا لله تعالى أو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو القرآن أو نبيا بسوء مما لا يتدينون به أو قتل مسلما عمدا أو قذفه، فالأصح أنه إن شرط انتقاض العهد بها انتقض بمخالفته الشرط، وإن لم يشترط ذلك ومثله ما لو شك هل شرط أو لم يشرط في الأوجه، فلا ينتقض لانتفاء إخلالها بمقصود العقد. وهذا هو المعتمد وإن صح في أصل الروضة عدم النقض مطلقا، وسواء انتقض أم لا نقيم عليه موجب فعله من حد أو تعزير، فلو رجم وقلنا بانتفاضه صار ماله فيئا، أما ما يتدين به كزعمهم أن القرآن ليس من عند الله أو أن الله ثالث ثلاثة فلا نقض به مطلقا قطعا، ومن انتقض عهده بقتال جاز بل وجب دفعه به وقتاله. ولا يبلغ المأمن لعظم خيانته ومن ثم جاز قتله وإن أمكن دفعه بغيره كما يظهر من كلامهم، ويتجه أيضا أن محله في كامل ففى غيره يدفع بالأخف لأنه إذا اندفع به كان مالا للمسلمين، ففى عدم المبادرة إلى قتله مصلحة لهم فلا يفوت عليهم، ومن انتقض عهده بغير قتال لم يجب إبلاغه مأمنه في الأظهر، بل يختار الإمام فيه إن لم يطلب تجديد عقد الذمة وإلا وجبت إجابته قتلا ورقا ومنا وفداء لأنه حربى أبطل أمانه، وبه فارق من دخل بأمان نحو صبى ظنه أمانا، ولا ينافى هذا قولهما في الهدنة من دخل دارنا بأمان أو هدنة لا يقاتل وإن انتقض عهده بل يبلغ المأمن مع أن حق الذمى آكد؛ لأن جناية الذمى أفحش لمخالطته لنا خلطة ألحقته بأهل الدار، فغلظ عليه أكثر، فإن أسلم من انتقض عهده قبل الاختيار امتنع الرق والقتل والفداء، بخلاف الأسير لأنه لم يحصل في يد الإمام بالقهر، وله أمان متقدم فخف أمره، والحاصل أنه يتعين المن، وإذا بطل أمان رجال حصل بجزية أو غيرها لم يبطل أمان ذراريهم من نحو نسائهم والصبيان في الأصح لانتفاء جناية منهم ناقضة أمانهم، وإنما تبعوا في العقد دون النقض تغليبا للعصمة فيهما، والقول الثاني المقابل للأصح: يبطل تبعا لهم كما تبعوهم في الأمان، ورد بما مر، ولو طلبوا دار الحرب أجيب النساء دون الصبيان إذ لا اختيار لهم، وإذا اختار ذمى نبذ العهد واللحوق بدار الحرب بلغ المأمن وهو المحل الذي يأمن فيه على نفسه وماله من أقرب بلادهم لعدم ظهور جناية منه (١).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى والشرح الكبير أنه ينبغى للإِمام عند عقد الهدنة أن يشترط عليهم شروطا نحو ما شرطه عمر رضى الله تعالى عنه، فمتى لم يوجد الشرط زال حكم العقد كما لو امتنع من التزام الأحكام، وذكر القاضي والشريف أبو جعفر رضى الله تعالى عنهما أن الشروط قسمان:


(١) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج لشمس الدين محمد بن أبى العباس أحمد بن حمزة بن شهاب الدين الرملى المنوفى المصرى الأنصارى الشهير بالشافعى الصغير جـ ٨ ص ٩٨، ص ٩٩ في كتاب أسفله حاشية أبى الضياء نور الدين على بن الشبراملسى، وعلى هامشه حاشية أحمد بن عبد الرازق بن محمد بن أحمد المعروف بالمغربى الرشيدى طبع شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبى بمصر سنة ١٣٥٧ هـ سنة ١٩٣٨ م.