للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المرأة فإن كانت لا تحفظ السورة فالقول قولها؛ لأن الأصل عدم التعليم، وإن كانت تحفظها ففيه وجهان: أحدهما: أن القول قولها؛ لأن الأصل أنه لم يعلمها؛ والوجه الثاني: أن القول قوله؛ لأن الظاهر أنه لم يعلمها غيره، وإن دفع إليها شيئًا وادعى أنه دفعه عن الصداق، وادعت المرأة أنه هدية فإن اتفقا على أنه لم يتلفظ بشئ فالقول قوله من غير يمين؛ لأن الهدية لا تصح بغير قول، وإن اختلفا في اللفظ فادعى الزوج أنه قال: هذا عن صداقك وادعت المرأة أنه قال: هو هدية، فالقول قول الزوج؛ لأن الملك له، فإذا اختلفا في انتقاله كان القول في الانتقال قوله، كما لو دفع إلى رجل ثوبًا فادعى أنه باعه، وادعى القابض أنه وهبه له، وإن اختلفا في الوطء فادعته المرأة وأنكر الزوج فالقول قوله؛ لأن الأصل عدم الوطء، فإن أتت بولد يلحقه نسبه ففى المهر قولان: أحدهما: يجب؛ لأن إلحاق النسب يقتضى وجود الوطء، والقول الثاني: لا يجب؛ لأن الولد يلحق بالإمكان، والمهر لا يجب إلا بالوطء، والأصل عدم الوطء، وإن أسلم الزوجان قبل الدخول فادعت المرأة أنه سبقها بالإسلام فعليه نصف المهر، وادعى الزوج أنها سبقته فلا مهر لها، فالقول قول المرأة؛ لأن الأصل بقاء المهر، وإن اتفقا على أن أحدهما سبق ولا يعلم عين السابق منهما، فإن كان المهر في يد الزوج لم يجز للمرأة أن تأخذ منه شيئًا؛ لأنها تشك في الاستحقاق، وإن كان في يد الزوجة رجع الزوج بنصفه؛ لأنه يتيقن استحقاقه ولا يأخذ من النصف الآخر شيئًا؛ لأنه شك في استحقاقه (١).

رابعًا: إنكار النفقة:

جاء في (المهذب): أنه إذا اختلف الزوجان في بعض النفقة فادعى الزوج أنها قبضت وأنكرت الزوجة، فالقول قولها مع يمينها؛ لقوله عليه السلام: "اليمين على المدعى عليه" (٢). ولأن الأصل عدم القبض، وإن مضت مدة لم ينفق فيها، وادعت الزوجة أنه كان موسرًا فيلزمه نفقة الموسر، وادعى الزوج أنه كان معسرًا فلا يلزمه إلا نفقة المعسر نظر، فإن عرف له مال فالقول قولها؛ لأن الأصل بقاؤه، وإن لم يُعرف له مال قبل ذلك فالقول قوله؛ لأن الأصل عدم المال.

وإن اختلفا في التمكين، فادعت المرأة أنها مكّنته وأنكر الزوج فالقول قوله؛ لأن الأصل عدم التمكن وبراءة الذمة من النفقة، وإن طلَّق زوجته طلقة رجعية وهى حامل فوضعت وانفقا على وقت الطلاق واختلفا في وقت الولادة فقال الزوج: طلقتك قبل الوضع فانقضت العدة فلا رجعة لى عليكِ ولا نفقة لك عليَّ، وقالت المرأة: بل طلقتنى بعد الوضع فلك عليَّ الرجعة، ولى عليكَ النفقة، فالقول قول الزوج أنه لا رجعة لى عليك؛ لأنه حق له فقبل إقراره فيه، والقول قول المرأة في وجوب العدة؛ لأنه حق عليها فكان القول قولها، والقول قولها مع يمينها في وجوب النفقة؛ لأن الأصل بقاؤها (٣).

[مذهب الحنابلة]

أولًا: إنكار أصل النكاح:

جاء في (المغنى): أنه إذا اختلف الزوجُ والمرأةُ


(١) المهذب: ٢/ ٦١ - ٦٢.
(٢) صحيح البخارى، كتاب تفسير القرآن، باب {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا}. وصحيح مسلم. كتاب الأقضية: باب اليمين على المدعى عليه.
(٣) المهذب: ٢/ ١٦٤.