للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حد فملك المولى اقامته على المملوك كسائر الحدود وان كان المولى فاسقا ففيه وجهان.

احدهما أنه يملك اقامة الحد لأنه ولاية تثبت بالملك فلم يمنع الفسق منها كتزويج الأمة.

والثانى أنه لا ينكله لأنه ولاية فى اقامة الحد فمنع الفسق منها كولاية الحاكم وان كانت امرأة فالمذهب أنه يجوز لها اقامة الحد لأن الشافعى استدل بأن فاطمة رضى الله عنها جلدت أمة لها زنت وقال أبو على ابن أبى هريرة لا يجوز لها لأنها ولاية على الغير فلا تملكها المرأة كولاية التزويج فعلى هذا فيمن يقيمه وجهان.

أحدهما أنه يقيم وليها فى النكاح قياسا على تزويج أمتها.

والثانى أنه يقيم عليها امام لأن الأصل فى اقامة الحد هو الامام فاذا سقطت الولاية المولى ثبت الأصل وان كان للمولى (١) مكاتب ففيه وجهان.

أحدهما ليس من أهل أنه لا يملك اقامته لأنه طريقه الولاية والمكاتب ليس من أهل الولاية ومن أصحابنا من قال أنه يقيم الحد كما يملك الحر فى عبده وله أن يقتص فى الجناية عليه وعلى رقيقه.

[كيفية اقامة الحد]

جاء فى المهذب (٢) أنه يستحب أن يحضر اقامة الحد جماعة لقول الله عز وجل «وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» والمستحب أن يكونوا أربعة لأن الحد يثبت بشهادتهم فان كان الحد هو الجلد وكان صحيحا قويا والزمن معتدل أقام الحد ولا يجوز تأخيره فان الفرض لا يجوز تأخيره من غير عذر ولا يجرد ولا يمد لما روى عن عبد الله بن مسعود رضى الله تعالى عنه أنه قال ليس فى هذه الأمة مد ولا تجريد ولا غل ولا صفد ويفرق الضرب على الأعضاء ويتوفى الوجه والمواضع المخوفة لما روى هنيدة بن خالد الكندى أنه شهد عليا كرم الله وجهه أقام على رجل حدا وقال للجلاد اضربه واعط‍ كل عضو منه حقه واتق وجهه ومذاكيره وعن عمر أنه أتى بجارية قد فجرت فقال اذهبا بها واضرباها ولا تمزقا لها جلدا ولأن القصد الردع دون القتل وان كان الحر شديد أو البرد شديد أو كان مريضا يرجى برؤه أو كان مقطوعا أو أقيم عليه حد آخر ترك الى أن يعتدل الزمان ويبرأ من المرض أو القطع ويسكن ألم الحد لأنه اذا أقيم عليه الحد فى هذه الأحوال أعان على قتله وان كان نضو الخلق لا يطيق الضرب أو مريضا لا يرجى برؤه جمع مائة شمراخ فضرب به دفعة واحدة لما روى سهل بن حنيف أنه أخبره بعض أصحاب النبى صلّى الله عليه وسلّم من الأنصار أنه اشتكى رجل منهم حتى أضى فدخلت عليه جارية لبعضهم فوقع عليها فلما دخل رجال عليه من قومه يعودونه ذكر لهم ذلك وقال استفتوا لى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا ما رأينا بأحد من الضر، مثل الذى هو به لو حملناه اليك يا رسول الله لتفسخت عظامه ما هو الا جلد على عظم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذوا مائة شمراخ فيضربوه بها ضربة واحدة ولأنه لا يمكن ضربه بالسوط‍ لأنه يتلف به ولا يمكن تركه لأنه يؤدى الى تعطيل الحد.

قال الشافعى رحمه الله تعالى ولأنه اذا كانت الصلاة تختلف باختلاف حاله فالحد أولى وان وجب الحد على امرأة حامل لم يقم عليها الحد حتى تضع وان اقيم الحد على الحال التى لا تجوز فيها اقامته فهلك منه لم يضمن لان الحق قتله وان أقيم فى الحال التى لا تجوز اقامته فان كانت حاملا فتلف منه الجنين


(١) المهذب ج ٢ ص ١١
(٢) المهذب ج ٢ ص ٢٧٠، ٢٧١ وما بعدها