للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن نفقة سنة وهى مفروضة بالأشهر لم يبرأ الا من نفقة شهر واحد، لأن القاضى لما فرض النفقة كل شهر فانما فرض لمعنى يتجدد بتجدد الشهر فما لم يتجدد الشهر لم يتجدد الفرض وما لم يتجدد الفرض لا تصير نفقة الشهر الثانى واجبة أى أن النفقة تفرض لمعنى الحاجة المتجددة فاذا فرضها القاضى كل شهر كذا صارت الحاجة متجددة بتجدد كل شهر وقبل تجدده لا يتجدد الفرض فلم تجب النفقة قبله ولا يصح الابراء عما لم يجب.

واستثنوا من ذلك ما لو طلقها أو خالعها نظير الابراء من نفقة العدة. فانهم صححوا هذا الابراء وحكموا بوقوع الطلاق بائنا لأنه طلاق على مال. مع أن مدة العدة تبدأ عقيب الطلاق والخلع والنفقة تجب شيئا فشيئا. فكان مقتفى ما تقدم ألا يصح الابراء واختلفت عبارات المؤلفين فى تعليل هذا التصحيح.

فقال صاحب فتح القدير. ان الاسقاط‍ يرد قصدا وأولا على ما تستحقه بالفعل وقت الطلاق والخلع. والباقى يثبت تبعا فى ضمن الطلاق أو الخلع. وكم من شئ يثبت ضمنا ولا يثبت قصدا.

وقال فى الذخيرة أن هذا من قبيل براءة الاستيفاء لأنها لما شرطت البراءة فى الخلع أو الطلاق كان ابراء بعوض اذ حصلت على الطلاق فيكون استيفاء لما وقع الابراء عنه لأن العوض قام مقام هذا الاستيفاء.

[مذهب المالكية]

وفى الحطاب فى فقه المالكية (١):

المرأة اذا أسقطت النفقة عن زوجها فى المستقبل تسقط‍ عنه وصرح بذلك عبد الحق فى تهذيبه ونقله عنه أبو الحسن وقبله ولم يذكر خلافه.

وقال القرافى أن ذلك لا يسقط‍ ولها الرجوع فيه وقبله ابن الشاط‍.

والسر فى ذلك أن النفقة عند المالكية تعتبر دينا صحيحا للزوجة على زوجها من وقت التسليم ولو حكما ولا تسقط‍ عنه الا بالأداء أو الابراء وليس ملحوظا فيها معنى الحاجة فيثبت لها ويصادف الابراء حقا قائما. والا فالمالكية: يرون أن اسقاط‍ ما لم يجب غير صحيح فلو أسقطت الحاضنة التى لم تجب لها الحضانة حقها لا يصح.

[مذهب الشافعية]

وفى كتاب الأم للامام الشافعى رضى الله عنه (٢) ان ترك الرجل زوجته سنة لا ينفق عليها وأبرأته من نفقة تلك السنة وسنة مستقبلة برئ من نفقة السنة الماضية لأنها قد وجبت لها ولم يبرأ من نفقة السنة المستقبلة لأنها أبرأته قبل أن تجب لها وكان لها أن تأخذه بها.

وفى موضع آخر: اذا أعسر الرجل بنفقة المرأة فأجل ثلاثا ثم خيرت فاختارت


(١) الحطاب ج ٤ ص ١٦٠.
(٢) الام ج ٥ ص ٨٠، ٨٢.