للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يهرب ولم يتب الا ان ثبت فى موضع حجر عليهم فحتى يتوبوا، لأن الحجر للبغى، ولما تابوا لم يقع عليهم الحجر، وذلك فى بغاة أهل التوحيد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عبد الله يعنى ابن عمر أتدرى كيف حكم الله فيمن بغى من هذه الامة قال:

الله ورسوله أعلم: قال لا يجهز على جريحها ولا يقتل أسيرها ولا يطلب هاربها ولا يقسم فيئها وذلك فى القتال ولا قيد فى الحديث بأن لم يكن لهم مأوى، وجوز القتال ما خيف شره أو شوكته أو له مادة أو نصرة أو يفئ الى أمر الله.

[ماذا يفعل بالأسير ومعاملة الأسرى]

[مذهب الحنفية]

جاء فى بدائع الصنائع: (١) اذا ظهر الامام على بلاد أهل الحرب فان الامام مخير فى الرقاب بين خيارات ثلاث.

ان شاء قتل الاسارى منهم وهم الرجال المقاتلة وسبى النساء والذرارى لقوله تبارك وتعالى: «فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ» وهذا بعد الأخذ والأسر وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما استشار الصحابة الكرام رضى الله تعالى عنهم فى أسارى بدر فأشار بعضهم الى الفداء وأشار سيدنا عمر رضى الله عنه الى القتل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو جاءت من السماء نار ما نجا الا عمر، أشار عليه الصلاة والسّلام الى أن الصواب كان هو القتل وكذا روى أنه عليه الصلاة والسّلام أمر بقتل عقبة بن أبى معيط‍ والنضر بن الحارث يوم بدر وبقتل هلال بن خطل ومقيس بن صبابة يوم فتح مكة ولأن المصلحة قد تكون فى القتل لما فيه من استئصالهم فكان للامام ذلك.

وان شاء استرق الكل فخمسهم وقسمهم لأن الكل غنيمة حقيقة لحصولها فى أيديهم عنوة وقهرا بايجاف الخيل والركاب فكان له أن يقسم الكل الا رجال مشركى العرب والمرتدين فانهم لا يسترقون بل يقتلون أو يسلمون لقوله تعالى «فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} الى أن قال:

{فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ» لأن ترك القتل بالاسترقاق فى حق أهل الكتاب ومشركى العجم للتوسل الى الاسلام، ومعنى الوسيلة لا يتحقق فى حق مشركى العرب والمرتدين، وأما النساء والذرارى، منهم فيسترقون كما يسترق نساء مشركى العجم وذراريهم، لأن النبى صلّى الله عليه وسلم استرق نساء هوازن وذراريهم وهم من صميم العرب وكذا الصحابة


(١) بدائع الصنائع ج ٧ من ص ١١٨ الى ص ١٢١.