للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوجد أكثر من سبب يبيح الدم وهذا لا يوجب زوال الملك عن ماله، كما لو قتل أو زنى. والثانى أنه يزول ملكه عن ماله، قال فى المهذب، وهو الصحيح لما ورد عن أبى بكر فى ذلك ولأن الاسلام عصم ماله ودمه ثم ملك المسلمون دمه بالردة فوجب أن يملكوا ماله بها. والثالث أنه مراعى - أى موقوفا - فان أسلم حكمنا بأنه لم يزل ملكه وان قتل أو مات على الردة حكمنا بأنه زال ملكه.

فعلى هذا ففى ابتداء ملكه بالاصطياد والابتياع (أى فى فترة الردة) وغيرهما الأقوال الثلاثة: أحدهما يملك والثانى لا يملك والثالث أنه مراعى.

فان قلنا ان ملكه قد زال بالردة صار ماله فيئا للمسلمين وأخذ لبيت المال. وان قلنا انه لا يزول أو مراعى حجر عليه. ومنع من التصرف فيه لأنه تعلق به حق المسلمين وهو متهم فى اضاعته فحفظ‍ كما حفظ‍ مال السفيه واما تصرفه فى المال فان كان بعد الحجر لم يصح وان كان قبل الحجر ففيه ثلاثة أقوال بناء على الأقوال فى بقاء ملكه أحدهما أنه يصح والثانى أنه لا يصح والثالث أنه موقوف (١).

فاذا ارتد الرجل عن الاسلام فلم يوقف ماله فما صنع فهو جائز كما يجوز له فى ماله ما صنع قبل الردة. فاذا وقف فلا سبيل له على اتلاف شئ من ماله بعوض أو غيره مادام موقوفا، واذا كان للمرتد دين قبل الردة قضى دينه ان كان حالا وان كان الى أجل فهو الى أجله الى أن يموت فيحل بموته، وكذلك كل ما أقر به لأحد قبل الردة على تفصيل فى البيع والسلف.

واذا كان للمرتد دين أخذ ممن هو عليه ويوقف فى ماله وان كان الى أجل فهو الى أجله. ولو مات المرتد قبلها أو قتل فاذا قبض كان فيئا (٢).

[مذهب الحنابلة]

وعند الحنابلة: قولان أحدهما: أن مال المرتد فئ من حين ردته. وفى قول آخر من حين موته مرتدا، بعد قضاء دينه، ويبدأ بقضاء دينه وأرش جنايته ونفقة زوجته وقريبه لأن هذه حقوق لا يجوز تعطيلها.

ويؤخذ مال المرتد فيجعل عند ثقة من المسلمين (٣) أو فى بيت المال أو يحفظه الحاكم (٤) ولا يحكم بزوال ملك المرتد بمجرد ردته فى قول أكثر أهل العلم، فان مات أو قتل زال ملكه بموته وان رجع الى الاسلام فملكه باق له، وذلك لأنه سبب يبيح دمه ولكن لا يزول به ملكه كزنا المحصن والقاتل فى المحاربة وأهل الحرب فان ملكهم ثابت فى عصمتهم، وفى هذا القول لا تصح تصرفات المرتد فى ماله ولكن اذا أسلم رد اليه ملكه جديدا، وقيل أيضا توقف تصرفاته كلها فان أسلم أمضيت والا تبينا فسادها وينفق منه على من تلزمه نفقته وتقضى ديونه، وقيل لا نفقة لأحد فى الردة


(١) المهذب ح‍ ٢ ص ٢٢٣ والام ح‍ ٤ ص ٢٩١ وح‍ ٦ ص ١٦١، ١٦٢.
(٢) الام ح‍ ٦ ص ١٦٢ - ١٦٤.
(٣) المغنى ح‍ ١٠ ص ٨١، ٨٣.
(٤) المحرر ح‍ ٢ ص ١٦٨.