للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دين مهرها أو دينا غيره. وأما المرأة المفلسة فلا يجوز لها أن تخالع زوجها على مال الا اذا كان فى ذمتها من مال يحدث لها غير ما فلست فيه، لأنه تصرف مالى كتزوج الرجل المفلس وهى ممنوعة منه. وكذلك لا يمنع المفلس من طلاق زوجته ولو ادى الى حلول مؤخر مهرها، لأنه يسقط‍ عنه بسبب الطلاق بنفقتها، اما المهر فمن حقها ان تطالب به وتدخل به عند قسمة المال مع الدائنين سواء طلقها زوجها ام لا، فليس الطلاق موجبا لذلك. وكذلك لا يمنع المفلس من ان يتقص ممن وجب له عليه قصاص فله ذلك وليس للدائنين ان يلزموه العفو على مال ومثل القصاص فى النفس جراح العمد التى ليس فيها شئ مقدر. ولا يمنع ايضا من العفو عن قصاص او حد مما لا مال فيه بخلاف الخطأ وجراح العمد الذى فيه مال مقدر، فللدائنين منعه من العفو عن ذلك بدون عوض مالى (١)

[مذهب الشافعية]

اذا حجر على المفلس بطلب او بدونه - تعلق حق الدائنين بماله عينا كان او دينا او منفعة، حتى لا ينفذ تصرفه فيه بما يضرهم. وضابط‍ ذلك انه لا يصح ممن حجر عليه بسبب الافلاس كل تصرف مالى بالنقد منشأ منه ابتداء يفوت على دائنيه شيئا من أعيان ماله فى خلال حياته لا مضافا الى ما بعد موته. فلا يصح بيع المفلس حينئذ ولا شراؤه بالنقد ولو باذن الدائنين ولا هبته ولا وقفة ولا رهنة ولا ابراؤه من دين له ولو مؤجلا، ويبطل تصرفه هذا فى الحال لأنه محجور عليه بحكم القاضى فلا يصح تصرفه بما يخالف المقصود من الحجر. وهذا هو الاظهر وقيل:

يوقف تصرفه المذكور فان فضل ذلك عن الدين لارتفاع القيمة او ابراء الدائنين او بعضهم نفذ وإلا لغا. وكذا لو باع ماله كله أو بعضه لدائنيه بدينهم من غير اذن القاضى بطل البيع فى الاصح لأن الحجر يثبت على العموم ومن الجائز أن يكون له دائن آخر.

أما باذن القاضى فيصح بشرط‍ أن يقع العقد لجميع الدائنين بلفظ‍ واحد، وأن يكون دينهم من نوع واحد. وقيل: يصح لأن الاصل عدم غيرهم، وقياسا على صحة بيع المرهون للمرتهن. ويستثنى من منع المفلس من الشراء بالنقد ما لو دفع له القاضى مالا لنفقته ونفقة عياله فاشترى به شيئا من النفقة فانه يصح جزما فيما يظهر كما قاله الاذرعى وغيره. وهذا كله فيما اذا تصرف المفلس تصرفا ماليا بالنقد.

أما اذا تصرف فى ذمته كما لو باع فى ذمته سلما أو غيره او اشترك او استأجر او اقترض شيئا فى الذمة فالصحيح صحته وعدم منعه منه، ويثبت البيع والثمن ونحوهما فى ذمته لأنه لا ضرر على الدائنين فى ذلك بل فيه نفعهم. وكذلك تصح وصيته اثناء الحجر عليه ولا يمنع منها لتعلقها بما بعد موته فلا ضرر على الدائنين كما يصح نكاح المفلس بمهر فى ذمته، ورجعته وطلاقه والخلع على مال ولو قال ان كان رجلا.

أما المرأة المفلسة فان خالعت زوجها على عين من أعيان مالها لم يصح. وان خالعته على دين فى ذمتها صح. كما يصح استلحاقه النسب ونفيه له باللعان، واجازة وصية زادت على الثلث، واستيفاؤه القصاص واسقاطه ولو بدون مال، ولا يلزمه ترك القصاص الواجب له بجناية عليه او على غيره لاجل الارش، وليس للمفلس العفو عن المال الواجب له بجناية، لما فيه من تفويت الحاصل فيمنع منه لمنافاته غرض الحجر. وكذلك ليس له المسامحة بصفة مقصودة مشروطة فى السلم فيه او نحوه عند قبضة له. ويجوز للمفلس ان يرد بالعيب ما كان اشتراه قبل افلاسه والحجر عليه ان كانت المصلحة فى رده بان كان ثمنه اكثر من قيمته او استوى الامران على ما صرح به امام الحرمين، لأن هذا ليس تصرفا مبتدأ بل من أحكام البيع السابق الذى لم يشمله الحجر.

والحجر لا ينعطف على ما مضى، ولأن هذا من مصلحته ومصلحة الدائنين ومثل ذلك الاقالة.

وكذلك يجوز له الفسخ بالخيار مطلقا، سواء كان الثمن اكثر من القيمة او العكس لعدم استقرار ملكه


(١) شرح الخرشى بحاشية العدوى ج ٥ ص ٣٠٦ - ٣٠٩ الطبعة السابقة، الشرح الكبير بحاشية الدسوقى ج ٣ ص ٢٦٤ - ٢٦٧ الطبعة السابقة، الشرح الصغير بحاشية الصاوى ج ٢ ص ١٤٠ - ١٤٢ الطبعة السابقة.