هذا النفى أثبت الاربعة فلزمته، وفى قوله: له على عشرة ألا تسعة ألا ثمانية يلزمه تسعة لانه باستثناء التسعة من العشرة المثبتة نفى الالتزام بتسعة منها وبقى ملتزما بواحد وباستثناء الثمانية من النفى أثبت ثمانية تضاف الى الواحد الباقى يكون المثبت تسعة … ولو كرر الاستثناء فى هذا المثال فقال: له على عشرة ألا تسعة ألا ثمانية ألا سبعة وهكذا الى نهاية الاعداد نزولا كان الواجب خمسة على الاساس المذكور - وكذا على طريقة رجوع كل استثناء الى ما قبله وطرحه منه على مثال ما سبق بيانه اذا تعدد الاستثناء فى المذاهب الاخرى التى سبق الكلام عليها.
وهذا كله اذا تكرر الاستثناء بدون عطف. أما اذا تكرر مع العطف كقوله:
له على عشرة ألا خمسة وثلاثة، أو ألا خمسة وألا ثلاثة أسقط مجموع الاستثناءات كلها من المستثنى منه الاول فيلزم فى المثال المذكور اثنان .. فان كانت الاستثناءات بحيث لو جمعت استغرقت المستثنى منه يبطل منها ما حصل به الاستغراق ويصح ما قبله .. فلو قال:
له على عشرة ألا سبعة وألا ثلاثة لغا الاستثناء الثانى وهو الثلاثة وصح ما قبله ولزمه ثلاثة ولا يجمع مفرق بالعطف فى المستثنى منه ولا فى المستثنى ولا فيهما معا لدفع الاستغراق اذا وجد ولا لتحصيله اذا لم يوجد .. فلو قال: له على درهم ودرهم ودرهم الا درهما يكون الدرهم المستثنى مستثنى مما قبله وهو الدرهم الاخير فى المستثنى منه فيكون استثناء درهم من درهم وهو مستغرق فلا تجمع الدراهم المتعاطفة فى المستثنى منه ليصير المستثنى منه ثلاثة وبذلك يندفع الاستغراق بل يبقى الامر كما هو، ويكون استثناء درهم من درهم ويلغو للاستغراق ويبقى الاقرار بدرهم ودرهم ودرهم صحيحا ويلزمه ثلاثة دراهم ويعتبر هذا استثناء من القاعدة المقررة وهى أن الاستثناء بعد معطوفات يرجع الى جميعها لا الى الاخير منها فقط.
وفى قوله: له على ثلاثة دراهم ألا درهمين ودرهما - لو جمع المعطوف والمعطوف عليه فى المستثنى كان المجموع ثلاثة ويكون الاستثناء مستغرقا ويبطل بالتالى ومن ثم لا يجمع ويعتبر استثناء درهمين من ثلاثة ويلزمه درهم واحد.
[الاستثناء من خلاف الجنس]
ولا يشترط فى صحة الاستثناء عند الشافعية اتحاد الجنس بين المستثنى والمستثنى منه بل يصح مع اتحاد الجنس كما هو ظاهر وكما فى الامثلة العديدة المتقدمة ويصح مع اختلاف الجنس نحوله على ألف درهم ألا ثوبا أو ألا عبدا أو ألا - دينارا أو ألا أردبا من القمح أو ألا رطلا من السمن مثلا وذلك لورود هذا الاستثناء لغة وشرعا قال الله تعالى:
«لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلاّ سَلاماً» استثنى السلام من اللغو وهما جنسان مختلفان وعلى المقر فى نحوله على ألف