للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء الآخرة ثم أتى قومه فأمهم فافتتح بسورة البقرة فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده وانصرف فقالوا له أنافقت يا فلان؟ قال: لا والله ولآتين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلأخبرته فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله إنا أصحاب نواضح (١) نعمل بالنهار وإن معاذ صلى معك العشاء ثم أتى فافتتح بسورة البقرة فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على معاذ فقال: "يا معاذ أفتان أنت وأقرأ بكذا وأقرأ بكذا" رواه مسلم. فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد علم بالأمر "أقره على حاله ولم ينكرها.

[مذهب الزيدية]

جاء في شرح الأزهار (٢) ما يفيد: أن المهدى عليه السلام حضر من لم تشرع خلفه الصلاة في أحد عشر حالا: الحالة الأولى: حيث يكون الإِمام فاسقا أو في حكمه، فالفاسق ظاهر والذي في حكمه هو من يصر على معصية لا يفعلها في الأغلب إلا الفاسق ولو لم يعلم كونها فسقا. وقد مثل على خليل ذلك بكشف العورة بين الناس والشتم الفاحش غير القذف والتطفيف في الكيل والوزن يعنى باليسير قال المهدى عليه السلام بخلاف ما يرتكبه الفاسق وبعض المؤمنين في العادة وقد مثل مثل ذلك الفقيه يحيى بالغيبة والكذب لكن بشرط أن يتوضأ إن كان مذهبه أنهما ناقضان. قال مولانا المهدى عليه السلام وهذا لا ينبغى إطلاقه بل يقيد بأنه لا يتخذ ذلك خلقا وعادة يعرف به بل غالب أحواله التحرز ويصدر ذلك منه في الندرة وفى الأمور الخفية لأنه إذا لم يكن كذلك فقد صار ذا جرأة ظاهرة في دينه. مثال ذلك أن يجمع بين صلاتين لغير عذر قال المهدى عليه السلام وهذا المثال يفتقر إلى تفضيل أيضا لأنه إذا كان مذهبه جواز ذلك فليس بمعصية وإن كان مذهبه أنه غير جائز نظر فإن كان (٣) يرى أنه مجز فالمثال صحيح وإن كان يرى أنه غير مجز فهو بمثابة من اجترأ على ترك الصلاة قال المهدى عليه السلام وأقرب ما يصح التمثيل به على الإطلاق ما ذكرناه وهو من يجمع بين الصلاتين ومذهبه أن ذلك مجز غير جائز. نعم ادعى في الشرح إجماع أهل البيت عليهم السلام أن الصلاة خلف الفاسق لا تجزئ وهو قول الجعفرين وقال أبو على ومشايخ المعتزلة أنها تجزئ وتكره، والحال الثاني: حيث يكون الإِمام صبيا فإن إمامة الصبى لا تصح عندنا، الحال الثالث: حيث يكون الإمام قد دخل في تلك الصلاة مؤتما بغيره فإن إمامته بغيره من المصلين معه حينئذ لا تصح عندهم هذا إذا كان غير مستخلف فأما إذا دخل مؤتما ثم استخلفه الإِمام فإن إمامته تصح حينئذ وعند المؤيد بالله أنه يصح الائتمام باللاحق بعد انفراده فيما بقى إذ لا يحتاج إلى نية. والحال الرابع: أن تصلى امرأة برجل فإن ذلك لا يصح مطلقا بالإِجماع إلا عن أبى ثور سواء كان الرجل محرما لها أم لا وإما أن المرأة تؤم النساء فذلك جائز سنة عندنا، وقال الخامس العكس وهو حيث يصلى الرجل بالمرأة فإن ذلك لا يصح عندنا أيضا سواء كان الرجل محرما لها أم لا إلا حيث تكون المرأة المؤتمة مع رجل مؤتم


(١) الناضح البعير يستقى عليه.
(٢) انظر شرح الأزهار المنتزع من الغيب المدرار في فقه الأئمة الأطهار للشيخ أبى الحسن عبد الله بن مفتاح ١ ص ٢٨١ وما بعدها الطبعة الثانية طبع مطابع حجازى بالقاهرة سنة ١٣٥٧ هـ.
(٣) المرجع السابق لأبى الحسن عبد الله بن مفتاح جـ ١ ص ٢٨٢ وما بعدها الطبعة السابقة.