للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن المسلمين وأن الأصل في انعقادها التقليد بالبيعة من أهل الحل والعقد أو الاستخلاف والعهد من الإمام القائم.

وافترضوا في هذا المتغلب أنه أهل للخلافه ومستوف لشروطها. وإن كانوا اغتفروا أن يكون فاسقا أو جاهلا لأن البعض لا يرى اشتراط ذلك في الخليفة ..

وقد أشار العلامة السعد التفتازانى في عبارته في المقاصد إلى ما ينعزل به الخليفة وقال: إن المتغلب بالقهر ينعزل إذا تغلب عليه متغلب آخر ويصير هذا المتغلب الآخر هو الخليقة - ولا شك أنه لو تغلبت عليه الأمة وقهرته ينعزل كذلك وتولى إماما بالطريق المقرر - وكلام السعد هذا يشير إلى أن للخليفة المتغلب بالقهر وضعا آخر ..

وفى عبارة القاضي ابن جماعة التي نقلناها سابقا يعلل انعقاد إمامة المتغلب بالقهر والشوكة بقوله: "لينتظم شمل المسلمين وتجتمع كلمتهم" وقوله: "لما قدمناه من مصلحة المسلمين وجمع كلمتهم" أي أن العلة في ذلك اتقاء فتنة تفرق كلمة المسلمين وتمزق شملهم".

ومن القواعد الشرعية التي استنبطها الفقهاء وأصبحت كالخبر المتواتر واتفق على اعتبارها أساسًا شرعيًا لبقاء الأحكام عليها قاعدة "الضرورات تبيح المحظورات" وقاعدة "الضرر الأشد يدفع بالضرر الأخف".

والمفروض أن الوضع في إمامة المتغلب بالقهر والشوكة .. أن لهذا المتغلب شوكة وقوة وعصبية تقف وراءه وتقاتل دونه فليس فيما ذهب إليه الفقهاء من اعتبار خلافة المتغلب والتزامها خروج بالخلافة عن طبيعتها ومكانها في الدين إلى مجال الأوضاع المدنية والنظم السياسية التي أخذت بها الأمم في رياسات الدولة بعيدًا عن مجال الدين وجانب الشرعية .. وليس فيه ما يصلح عذرًا للفرار بالخلافة عن وضعها الشرعى الحقيقى ..

[هل نص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على إمام بعده؟]

جاء في شرح المقاصد لسعد الدين التفتازانى (١):

ذهب جمهور أصحابنا والمعتزلة والخوارج إلى أن النبى - صلى الله عليه وسلم - لم ينص على إمام بعده مطلقا ..

وقيل نص على أبى بكر - رضى اللّه عنه - .. فقال الحسن البصرى نصا خفيا وهو تقديمه إياه في الصلاة .. وقال بعض أصحاب الحديث نصا جليًا وهو ما روى أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ائتونى بدواة وقرطاس أكتب لأبى بكر كتابا لا يختلف فيه اثنان .. ثم قال: يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر ..

وقيل: نص على عليّ - رضي الله عنه - وهو مذهب الشيعة ..

أما النص الخفى وهو الذي لا يعلم المراد منه بالضرورة فباتفاق الشيعة الإمامية والزيدية .. وأما النص الجلى عند الإمامية دون الزيدية وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: سلموا عليه بأمرة المؤمنين .. وقوله - صلى الله عليه وسلم - مشيرا إلى على وآخذا بيده: هذا خليفتى فيكم من بعدى فاسمعوا له وأطيعوا له .. وقوله: أنت الخليفة من بعدى .. وقوله وقد جمع بنى عبد المطلب: أيكم يبايعنى ويوازرنى يكن أخى ووصى وخليفتى من بعدى فبايعه على - رضي الله عنه - ثم استدل أهل الحق بطريقين:


(١) شرح المقاصد جـ ٢ ص ٢٨٣ وما بعدها.