للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قول من قال أن عقد الاجارة لازم وان الأجرة تملك بالعقد كما يملك الثمن بالبيع واستيفاء المنفعة لازم للمستأجر بالعقد ويجبر على أداء الأجرة بالعقد كما يجبر الأجير على العمل به واختار الشيخ جواز تصرف المؤجر فيما يقابل ما تم استيفاؤه من المنفعة على أساس أن الأجرة مقابل المنفعة وانه كلما حصل جزء من الاستيفاء حصل جزء من الأجرة يجبر المستأجر على أدائه (١) ويجوز له التصرف فى الأجرة كلها سواء دخل فى العمل أم لم يدخل ان أخذها بضمان العمل كأن يقول ان العمل فى ذمتى التزم به ولا أعدل عنه. ومن هذا يتبين رأى الإباضية فيما يفيده عقد الاجارة من حكم.

[الاجارة: الخيارات فيها]

بينا أن عقد الاجارة من عقود المعاوضات كالبيع ومن ثم كان قابلا لما يقبله البيع من الخيارات فيقبل خيار الشرط‍ وخيار الرؤية وخيار العيب وخيار التعيين وخيار فوات الوصف على ما بين فى الخيارات (ارجع الى مصطلح خيار) غير أننا نذكر هنا ما تقتضيه طبيعة عقد الاجارة من الأحكام.

[خيار الشرط‍]

يجوز لأى من العاقدين منفردا ولهما جميعا اشتراط‍ الخيار فى امضاء العقد وفسخه وتفصيل القول فى ذلك يرجع فيه الى مصطلح «خيار الشرط‍» واشتراطه يمنع انعقاد العقد فى حق حكمه ما دام الخيار قائما لحاجة من اشترطه لنفسه الى دفع الغبن عن نفسه وعلى هذا يكون لمن له حق الخيار أن يفسخ العقد فى مدته أو أن يمضى فيه وذلك بأن يصدر منه ما يدل على ذلك من قول أو فعل أو تصرف فاذا مضت المدة دون أن يصدر منه ما يدل على فسخ أو امضاء لزم العقد وقد علمت ما ذهب اليه الحنفية من أن عقد الاجارة لا يفيد ملكا فى الأجرة ولا فى المنفعة بمجرد صدوره على الوجه الذى شرحناه وعليه فليس يترتب على العقد فى مدة الخيار الا عدم لزومه بالنظر الى من شرطه لنفسه فلا يكون لأى منهما ملك بمقتضاه واذا كان مشروطا للأجير فان خياره يسقط‍ بشروعه فى العمل كما يسقط‍ كذلك بالنظر الى المستأجر الذى شرط‍ لنفسه الخيار بشروعه فى الانتفاع واذا كان مشروطا للمؤجر سقط‍ خياره بتمكين المستأجر أو الأجير من الانتفاع أو من العمل وليس لاشتراط‍ تعجيل الأجرة أثر عند اشتراط‍ خيار الشرط‍ لعدم انعقاد العقد حينئذ فى حق الحكم الا أن يسقط‍ الخيار فيظهر أثره وتبدأ مدة العقد من وقت سقوط‍ الخيار، ذلك ما ذهب اليه الحنفية وفى تفصيل ذلك وبيانه فى المذاهب يرجع الى مصطلح خيار الشرط‍. غير أن مما يختص بعقد الاجارة من أحكام خيار الشرط‍ ما ذكره الزيدية.

فى شرح الأزهار وحاشيته ما حاصله (٢) أن عقد الاجارة اذا تضمن اشتراط‍ الخيار فقد تجعل مدته من مدة الاجارة وقد تجعل قبل ابتداء مدة الاجارة وقد لا ينص على شئ من ذلك فاذا جعلت مدته قبل مدة الاجارة كأن يستأجر شخص دارا شهر كذا وله الخيار ثلاثا من آخر الشهر السابق عليه


(١) شرح النيل ج‍ ٥ ص ١٠٣.
(٢) ج‍ ٣ ص ٢٥٧.