السابعة: لا يجوز لمن كانت فتواه نقلا لمذهب امام اذا اعتمد الكتب أن يعتمد الا على كتاب موثوق بصحته وبأنه مذهب ذلك الامام فأن وثق بأن أصل التصنيف بهذه الصفة لكن لم تكن هذه النسخة معتمدة فليستظهر بنسخ منه متفقة وقد تحصل له الثقة من نسخة غير موثوق بها فى بعض المسائل اذا رأى الكلام منتظما وهو خبير فطن لا يخفى عليه لدربته موضع الاسقاط والتغيير فأن لم يجده الا فى نسخة غير موثوق بها فقال أبو عمرو ينظر فأن وجده موافقا لاصول المذهب وهو أهل لتخريج مثله فى المذهب لو لم يجده منقولا فله أن يفتى به فان أراد حكايته عن قائله فلا يقل قال الشافعى مثلا كذا وليقل وجدت عن الشافعى كذا أو بلغنى عنه ونحو هذا، وان لم يكن أهلا لتخريج مثله لم يجز له ذلك فان سبيله النقل المحض ولم يحصل ما يجوز له ذلك وله أن يذكره لا على سبيل الفتوى مفصحا بحاله فيقول وجدته فى نسخة من الكتاب الفلانى ونحوه.
الثامنة: اذا أفتى فى حادثة ثم حدثت مثلها فان ذكر الفتوى الاولى ودليلها بالنسبة الى أصل الشرع ان كان مستقلا أو الى مذهبه ان كان منتسبا أفتى بذلك بلا نظر وان ذكرها ولم يذكر دليلها ولا طرأ ما يوجب رجوعه فقيل له أن يفتى بذلك والاصح وجوب تجديد النظر ومثله القاضى اذا حكم بالاجتهاد ثم وقعت المسألة وكذا تجديد الطلب فى التيمم والاجتهاد فى القبلة وفيهما الوجهان.
قال القاضى أبو الطيب فى تعليقه فى آخر باب استقبال القبلة وكذا العامى اذا وقعت له مسألة فسأل عنها ثم وقعت له فيلزمه السؤال ثانيا يعنى على الاصح قال الا أن تكون مسألة يكثر وقوعها ويشق عليه اعادة السؤال عنها فلا يلزمه ذلك ويكفيه السؤال الاول للمشقة.
التاسعة: ينبغى أن لا يقتصر فى فتواه على قوله فى المسألة خلاف أو قولان أو وجهان أو روايتان أو يرجع الى رأى القاضى ونحو ذلك فهذا ليس بجواب ومقصود المستفتى بيان ما يعمل به فينبغى أن يجزم له بما هو الراجح فان لم يعرفه توقف حتى يظهر أو يترك الافتاء كما كان جماعة من كبار أصحابنا يمتنعون من الافتاء فى حنث الناسى.
[مذهب الحنابلة]
جاء فى كشاف القناع:(١) فى أداب المفتى أن ليس له أن يفتى فى شئ من مسائل الكلام مفصلا بل يمنع السائل وسائر العامة من الخوض فى ذلك أصلا.
قال فى المبدع ولا تجوز الفتوى فى علم الكلام بل نهى السائل عنه والعامة
(١) كشاف القناع على متن الاقناع وبهامشه شرح منتهى الارادات ج ٤ ص ٣٧، ١٧٨ الطبعة السابقة. الاقناع فى فقه الامام أحمد بن حنبل ج ٤ ص ٣٧٢، ٣٧٣ الطبعة السابقة، المرجع السابق ج ٤ ص ٣٧٤، ٣٧٥ الطبعة السابقة.