للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما نبيذ التمر ان طبخ أدنى طبخة فيحل شربه وان اشتد اذا شرب بلا لهو وطرب ولم يسكر، فلو شرب للهو فقليله وكثيره حرام، وكذا اذا شرب ما يغلب على ظنه انه يسكر فيحرم القدر المسكر منه، لأن السكر حرام فى كل شراب (١).

[مذهب المالكية والشافعية والحنابلة]

لم يتكلم فقهاء المذاهب الثلاثة فيما اطلعت عليه من كتبهم - عن السكر بصفة خاصة وذلك اكتفاء بالقاعدة العامة المستمدة من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مسكر خمر وكل خمر حرام وحيث أن السكر مسكر فانه حرام (٢) يأخذ حكم الخمر من كل الوجوه واذا كان كذلك حرم قليله وكثيره.

أما اذا لم يكن مسكرا فانه يكون مباحا، لأن التحريم انما يثبت فى المسكر وفيما عداه يبقى على أصل الاباحة (٣).

[مذهب الظاهرية]

ولم يتكلم ابن حزم - فى كتابه المحلى - عن السكر بصفة خاصة وانما جاء بعبارات عامة تشمل كل أنواع الأشربة اذ يقول: كل شئ أسكر كثيره أحدا من الناس فالنقطة منه فما فوقها الى أكثر المقادير خمر حرام ملكه وبيعه وشربه واستعماله على كل أحد (٤). روى من طريق مالك وسفيان بن عيينه عن الزهرى عن أبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل شراب أسكر فهو حرام (٥).

[مذهب الزيدية]

جاء فى الروض النضير «وأما النئ من ماء الرطب اذا اشتد وغلى ولم يطبخ فهو السكر الذى ورد فى تحريمه قوله تعالى «تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً» بناء على أنه تعالى جمع بين العتاب فى تناول ما حرم عليهم من السكر والمنة بالرزق الحسن (٦).

وجاء فى موضع آخر عند بيان أنواع الأشربة اجمالا» ومنها السكر


(١) المرجع السابق ج‍ ٥ ص ٤٠١ الطبعة السابقة فى كتاب الأشربة.
(٢) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى علية ج‍ ٤ ص ٣٥٢ الطبعة السابقة ويلاحظ‍ أن اقرطبى المالكى تكلم عن معنى السكر فى الآية فقال السكر فى اللغة ما يسكر والمشهور أن الآية نزلت قبل تحريم الخمر فتكون منسوخة ويراجع أيضا تحفة المحتاج ج‍ ٧ ص ٦٣٧.
(٣) المغنى لابن قدامة المقدسى ج‍ ١٠ ص ٣٢٦ الطبعة السابقة وذلك على الرغم من أنه تعرض لقول الله تعالى «تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً» غير أن هذا منه لم يكن الا بشأن الرد على بعض معارضيه.
(٤) المحلى لأبن حزم الظاهرى ج‍ ٧ ص ٤٧٨ مسألة رقم ١٠٩٨ الطبعة السابقة.
(٥) المرجع السابق ج‍ ٧ ص ٤٩٩ الطبعة السابقة.
(٦) الروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير ج‍ ٣ ص ١٦٠ الطبعة السابقة.