للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلم يبق للأصل الزائل أثر على أن البول قد كان ماء فله أصل فى الطهارة كهذا الماء النجس.

ثم قال: وهل يجوز له التيمم قبل اراقتهما؟ على روايتين.

احداهما لا يجوز، لأن معه ماء طاهرا بيقين فلم يجز له التيمم مع وجوده، فان خلطهما أو أراقهما جاز له التيمم، لأنه لم يبق معه ماء طاهر.

والثانية: يجوز التيمم قبل ذلك، اختاره أبو بكر وهو الصحيح، لأنه غير قادر على استعمال الطاهر، فأشبه ما لو كان هذا الماء فى بئر لا يمكنه استقاؤه.

وان احتاج اليهما للشرب لم تجز اراقتهما بغير خلاف، فانه يجوز له التيمم لو كانا طاهرين، فمع الاشتباه أولى.

واذا أراد الشرب تحرى وشرب من الطاهر عنده لأنها ضرورة تبيح الشرب من النجس اذا لم يجد غيره فمن الذى يظن طهارته أولى وان لم يغلب على ظنه طهارة أحدهما شرب من أحدهما، وصار هذا كما لو اشتبهت ميتة بمذكاة فى حال الاضطرار، ولم يجد غيرهما، فانه اذا جاز استعمال النجس فاستعمال ما يظن طهارته أولى.

واذا شرب من أحدهما أو أكل من المشتبهات ثم وجد ماء طهورا.

فقيل: لا يلزمه غسل فيه لان الأصل طهارة فيه فلا تزول عن ذلك بالشك.

والثانى يلزمه، لأنه محل منع استعماله من أجل النجاسة فلزمه غسل أثره كالمتيقن.

واذا علم عين النجس استحب اراقته ليزول الشك عن نفسه.

وان احتاج الى الشرب شرب من الطاهر ويتيمم اذا لم يجد غير النجس.

وان خاف العطش فى ثانى الحال فقال القاضى: يتوضأ بالماء الطاهر ويحبس النجس، لأنه غير محتاج الى شربه فى الحال، فلم يجز التيمم مع وجوده.

والصحيح ان شاء الله أنه يحبس الطاهر ويتيمم، لأن وجود النجس كعدمه عند الحاجة الى الشرب فى الحال وكذلك فى المآل وخوف العطش فى اباحة التيمم لحقيقته.

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى (١) أن من كان بحضرته ماء وشك أولغ فيه


(١) المحلى للامام محمد على بن سعيد بن حزم الظاهرى ج ٢ ص ٢٢٥ طبع مطبعة ادارة الطباعة المنيرية بمصر سنة ١٣٥٠ هـ‍ الطبعة الأولى لمحمد بن عبده أغا الدمشقى.