للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحر الموسر نفقة والديه الحرين المعسرين ولو كافرين والولد مسلم، ولا يجب على الولد المعسر التكسب لينفق على والديه ولو قدر على التكسب وأجبر الوالدان على التكسب اذا قدرا عليه على الراجح. وتجب نفقة خادمهما بخلاف خادم الولد فلا تلزم الأب، وتجب نفقة خادم زوجة الأب المتأهلة للخدمة. ويجب على الولد اعفاف الأب بزوجة، ولا تتعدد نفقة زوجات الأب بتعددهن، ووزعت على الأولاد الموسرين بقدر اليسار حيث تفاوتوا، وقيل: على الرءوس فالذكر كالأنثى، وقيل: على الميراث. وتجب نفقة الولد الحر على أبيه فقط‍ حتى يبلغ الذكر قادرا على الكسب، أو يدخل الزوج بالأنثى ولو لم يكن بالغا، أو يدعى الزوج للدخول. وعادت النفقة على الأب لابنته ان عادت له من الزوج صغيرة أو بكرا ولو بالغا أو زمنة وقد دخل بها زمنة، فان دخل بها صحيحة ثم طرأت عليها الزمانة وعادت الى أبيها زمنة لم تجب عليه، وكذا ان صحت بعد الدخول ثم عادت زمنة لم تعد النفقة على الأب، وتسقط‍ النفقة عن الولد والوالد بمضى الزمن الا بقضاء.

مذهب الحنابلة (١):

تجب على الولد نفقة والديه وان علوا لقوله تعالى: «وَقَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً» (٢). ومن الاحسان الانفاق عليهما، ولقوله تعالى:

«وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً» (٣). ومن المعروف القيام بكفايتهما عند حاجتهما، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم» رواه أبو داود والترمذى وحسنه.

قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة فى مال الولد، ويجب عليه أيضا نفقة ولده وان سفل، لقوله تعالى: «وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ»،} ولأن الانسان يجب عليه أن ينفق على نفسه وزوجته، فكذا على فرعه وأصله.

ثم قال فى الاختيارات: وعلى الولد الموسر أن ينفق على أبيه المعسر وزوجة أبيه واخوته الصغار، وان كان للفقير ولو حملا وارث غير أب فنفقته عليهم على قدر ميراثهم منه لأن الله رتب النفقة على الارث، فيجب أن يرتب المقدار عليه.

ويلزم المنفق خدمة قريب بنفسه أو غيره لحاجة الى الخدمة.

ثم قال (٤): فان كان له أبوان قدم الأب على الأم، لفضله وانفراده بالولاية واستحقاق الأخذ من ماله، فان كان معهما ابن قدم عليهما لوجوب نفقته بالنص. قال القاضى فيما اذا اجتمع الأبوان والابن: ان كان الابن صغيرا أو مجنونا فهو أحق وان كان الابن كبيرا والأب زمنا فالأب أحق لأن حرمته آكد. ويلزمه نفقة واعفاف من وجبت له نفقة من أب وان علا ومن ابن وان سفل وغيرهم كأخ، اذا احاج الى النكاح لزوجة تعفه أو يدفع اليه مالا يتزوج به.


(١) كشاف القناع ج‍ ٣ ص ٣١٣.
(٢) سورة الاسراء: ٢٣.
(٣) سورة لقمان: ١٥.
(٤) كشاف القناع ج‍ ٣ ص ٣١٦.