الضمير فى قوله «منكم» للمؤمنين المخاطبين بالآية - وكذا فى قوله «من غيركم» أى من غير المؤمنين وهم الكفار. فيكون المعنى اثنان ذوا عدل من المؤمنين أو آخران من غير المؤمنين.
وبهذا قال الامام أحمد وبعض الفقهاء.
وقال الحنفية ان هذا كان فى أول الاسلام والمسلمون قلة فى المدينة.
وكان من يسافر منهم وينزل به الموت ويوصى لا يجد من المسلمين من يشهده على وصيته فيشهد عليها اثنين من الكفار ثم نسخ هذا الحكم بآية الدين وسورة البقرة «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ» الى قوله «وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ» والمرضى من الشهداء هم المسلمون العدول.
وقوله من رجالكم: أى من المسلمين المخاطبين بالآية. فدلت هذه الآية على أن الاستشهاد فى الحقوق والمسائل عامة يكون بالمسلمين العدول فى الوصية وغيرها.
فلا تقبل شهادة الكفار على المسلمين فى شئ لا فى الوصية ولا فى غيرها لا فى السفر ولا فى الحضر.
واستدل الحنفية بهذه الاية على جواز شهادة غير المسلمين بعضهم على بعض لأنها دلت بظاهرها على جواز شهادة غير المسلمين على المسلمين وبمفهومها على جواز شهادة غير المسلمين بعضهم على بعض بطريق الأولى.
وقد نسخ حكم ظاهرها على ما ذكرنا وبقى حكم مفهومها معمولا به.
وذهب بعض ثالث الى أن الآية لا تدل على جواز شهادة غير المسلمين على المسلمين أصلا فى أى حق، لأن قوله «منكم» معناه من قبيلتكم وعشيرتكم ومعنى قوله من غيركم - من غير قبيلتكم وعشيرتكم.
وليس هذا بشئ ولا يتفق مع ظاهر الآية وسياقها راجع ابن عابدين من الشهادات والبدائع من الشهادات أيضا.
وتفسير الجصاص والقرطبى فى آية المائدة.
[مذهب المالكية]
وقال المالكية (١) ان شهادة غير المسلمين لا تقبل أصلا لا على المسلمين
(١) التبصرة لابن فرحون ج ١ ص ١٧٣ وما بعدها وتفسير القرطبى لآية المائدة ج ٥ الطبعة السابقة.