للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقدر عليه وان كان معسرا لا يقدر على شئ من ذلك سقط‍ عنه كل ذلك فلا يقضى عليه بشئ منه فان أيسر بعد ذلك قضى عليه بكل ما ذكر من حين أيسر، ولا يقضى عليه بشئ مما أنفقته على نفسها من نفقة أو كسوة خلال مدة اعساره لقوله تعالى: «لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها» وقوله تعالى: «لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ ما آتاها» فصح يقينا أن ما ليس فى وسعه ولا آتاه الله تعالى اياه فلم يكلفه الله عز وجل اياه، واذن فهو غير واجب عليه وما دام لم يجب عليه فلا يجوز أن يقضى عليه به أبدا، سواء أيسر بعد ذلك أم لا. وهذا بخلاف ما اذا منع الزوج عن زوجته ما وجب لها من نفقة أو كسوة وهو موسر فهذا يؤاخذ به أبدا سواء أعسر بعد ذلك أم لم يعسر، لأن الله سبحانه قد كلفه اياه فهو واجب عليه فلا يسقطه عنه اعساره بعد ذلك لكن يوجب الاعسار أن ينظر به الى الميسرة فقط‍ لقوله عز وجل:

«وان كان ذو عسرة فنظرة الى ميسرة» (١).

ولا يفسخ النكاح بعد صحته باعسار الزوج بالنفقة أو الكسوة لقوله تعالى:

«لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا الا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا».

وكذلك لا يحبس الزوج ان أعسر بنفقة زوجته كما لا يجوز للزوجة عند اعسار زوجها بنفقتها منعة من الاستمتاع بها لأجل ذلك (٢).

وان أعسر الزوج بنفقة نفسه وزوجته غنية فقال ابن حزم: ان زوجته تكلف النفقة عليه حينئذ ولا ترجع عليه بشئ مما أنفقته عليه ان أيسر، وذلك لقوله تعالى: «وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاّ وُسْعَها لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ» فقد جعل الله سبحانه على الوارث القادر نفقة مورثه المعسر والزوجة وارثة لزوجها فتجب عليها - اذا كانت موسرة - نفقته اذا كان معسرا بنص القرآن (٣).

[مذهب الزيدية]

اعسار الزوج بكفاية زوجته - وان كانت موسرة - من النفقة والكسوة والمسكن لا يسقطها عنه. فان أعسر بكل ذلك وكان قادرا على التكسب فانه يلزمه لأجل الانفاق على زوجته أن يتكسب بأى وجه أمكنه ولو بسؤال الناس أو الاستدانة منهم وللقاضى أن يستدين عن الزوج المعسر لنفقة زوجته وبحبسه اذا امتنع من التكسب وطلبت الزوجة حبسه لطلب النفقة الحاضرة التى أعسر بها وكذا المستقبلة دون الماضية فهى كسائر الديون فى ذمته لاعساره فلا يجبر فيها على التكسب وحال الزوجين اعسارا ويسارا هو المعتبر فى


(١) المحلى ج ١٠ ص ٩١ - ٩٢ رقم ١٩٢٨
(٢) المحلى ج ١٠ ص ١٠٩ رقم ١٩٣٤ وص ٩٣ رقم ١٩٣٠ وص ٩٢ رقم ١٩٢٩
(٣) المحلى ج ١٠ ص ٩٢ رقم ١٩٣٠