والأعمى فى ذلك كالبصير ويحتاج الى الأداء باللسان والأعمى فى ذلك كالبصير فتعريف المشهود له والمشهود عليه بذكر الاسم والنسب والاشارة اليهما بالطريق الذى يعلم أنه مصيب فى ذلك يكفى لأداء الشهادة.
ألا ترى أن الأعمى يباح له وط ء زوجته وجاريته ولا يميزهما من غيرهما الا بالصوت والنغمة، وأن البصير اذا شهد على ميت أو غائب يقام ذكر الاسم والنسب مقام الاشارة الى العين فى صحة أداء الشهادة فهذا مثله.
أما الامام أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى فيقولان: لا يقبل شهادته لما روى عن على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنه أنه شهد عنده أعمى فقالت أخت المشهود عليه أنه أعمى فذكر ذلك لعلى رضى الله تعالى عنه فرد شهادته. وذلك فيما هو خاص بالشهادة فى الأموال والمعنى فيه ان فى شهادة الأعمى تهمة يمكن التحرز عنها بجنس الشهود وذلك يمنع قبول الشهادة كما فى شهادة الأب لولده.
وبيان الوصف أنه يحتاج عند أداء الشهادة الى التمييز بين المشهود له والمشهود عليه والاشارة اليهما والى المشهود به فيما يجب احضاره وآلة هذا التمييز البصر وقد عدم الأعمى ذلك المعنى.
هذا وان الشهادة فى الوط ء يجوز ان يعتمد فيه على خبر الواحد اذا أخبره أن هذه امرأته وقد زفت اليه وهذا لأن الضرورة تتحقق فيه فالأعمى يحتاج الى قضاء الشهوة والنسل كالبصير ولا ضرورة هنا ففى الشهود كثرة وهذا بخلاف الموت فان ذلك لا يمكن التحرز عنه بجنس الشهود فالمدعى وان استكثر من الشهود يحتاج الى اقامة الاسم والنسبة مقام الاشارة عند موت المشهود عليه أو غيبته على أن هناك الاشارة تقع الى وكيل الغائب ووصى الميت وهو قائم مقامه.
هذا ولا تجوز شهادة الأخرس، لأن أداء الشهادة يختص بلفظ الشهادة حتى اذا قال الشاهد أخبر وأعلم لا يقبل ذلك منه ولفظ الشهادة لا يتحقق من الأخرس ثم شهادة الأخرس مشتبه فانه يستدل باشارته على مراده بطريق غير موجب للعلم فتتمكن فى شهادته تهمة يمكن التحرز عنها بجنس الشهود ولا تكون اشارته أقوى من عبارة الناطق (١).
[مذهب المالكية]
جاء فى حاشية الدسوقى على الشرح الكبير أن شهادة الأخرس جائزة كما قال ابن شعبان ويؤديها
(١) المبسوط لشمس الدين السرخسى ج ١٦ ص ١٢٩، ص ١٣٠ الطبعة الأولى طبع مطبعة السعادة.