للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الزيدية]

لم نجد للزيدية كلاما خاصا بالآبق فى هذا الموضوع، ولكنهم يجعلون أخذه مستحبا كأخذ الضالة - كما قدمنا - وقد ذكرنا سابقا أن آخذ الضالة يعرف بها وأنه يجوز له أن يستبقيها عنده، وعلى هذا فماذا يجب عليه إذا جاء رب الضالة يطلبها؟

قد بين ذلك صاحب مفتاح الأزهار فقال:

«ولا يجوز للملتقط‍ أن يرد الضالة إلى من ادعاها إلا أن يحكم له الحاكم أنه يستحقها ويجوز الحبس عمن لم يحكم له ببينة» ثم قال: «وحاصل الكلام فى المسألة أن مدعى اللقطة لا يخلو إما أن يكون له بينة أولا إن كان له بينة وحكم بها حاكم لزم الملتقط‍ ردها. فإن أقام غيره البينة بأنها له لم يلزم الملتقط‍ له بشئ لانضمام الحكم إلى بينة خصمه. وإن لم يحكم له ببينة قال الفقيه أبو العباس: جاز الرد ولا يجب، وهو ظاهر كلام أبى طالب .. وأما إذا لم تكن له بينة، بل أتى بأمارتها وأوصافها ففى ذلك ثلاثة أقوال:

الأول: المذهب أنه لا يجوز الرد، قال عليه السلام: وظاهر كلام أصحابنا ولو غلب فى ظنه صدقه، لأن العمل بالظن فى حق الغير لا يجوز.

الثانى: ذكره فى شرح الإبانة قال فيه:

يجوز الرد بالعلامة ولا يجب فى قول عامة أهل البيت.

الثالث: أنه يجب، وقد ذكر هذا منسوبا للهادى والمؤيد بالله: أنه يجب فيما بينه وبين الله تعالى، لأن العمل بالظن واجب (١)».

أما إذا كانت فى يد الحاكم فلم نجد نصا صريحا فيه، ولكن جاء فى البحر الزخار أن القاضى لا يحكم باستحقاقه لة إلا إذا أقام البينة بأنه ملكه. فقد جاء فى البحر الزخار: «ويحكم بالبينة العادلة الكاملة ما لم تعارض إجماعا، وفى تأكيدها باليمين خلاف (٢)».

[الظاهرية]

يبين ابن حزم الظاهرى طريق ثبوت ملكية من يدعى العبد الآبق بقولة فى المحلى عند كلامه فى الآبق واللقطة والضالة: وأن اللقطة ما وجد من مال سقط‍ أى مال كان بقوله:

«فإن جاء من يقيم بينة، أو من يصف عفاصه (أى الوعاء الذى يكون فيه الملتقط‍ من جلد أو خرقه أو نحوها إن كان فى وعاء) ويصدق فى صفته، ويصف وعاءه، ويصدق فيه ويصف رباطه ويصدق فيه ويعرف عدده ويصدق فيه، أو يعرف ما كان له من هذا: أما العدد والوعاء ان كان لا عفاص له ولا وكاء (الرباط‍) أو العدد إن كان منثورا فى غير وعاء دفعه إليه كانت له بينة أو لم تكن (٣)».

ولا شك أن التعريف للعبد بأوصافه يكون كالتعريف بالعفاص والوكاء ونحوها.

وإذن يكون إثبات الملكية عنده بالبينة أو الوصف. كما يشعر به ما سبق أن ذكرناه فى حكم أخذ الآبق. من أنه يبقى عند واجدة أو الحاكم حتى يجئ صاحبه ويعرفه فهو يرى أنه لا ضرورة لإقامة البينة لثبوت ملكيته للآبق بل يكفى وصفه.


(١) ج‍ ٤ ص ٦٢، ٦٣ الطبعة الثانية سنة ١٣٥٨ هـ‍
(٢) ج‍ ٤ ص ٣٩٦ الطبعة السابقة.
(٣) ج‍ ٨ ص ٢٥٧ طبعة ادارة الطباعة المنيرية.